1. المقالات
  2. السِّيرَةُ النَّبويَّةُ (تَربِيةُ أمَّةٍ وَبنَاءُ دَوْلَةٍ)
  3. الصبر علي الايذاء

الصبر علي الايذاء

الكاتب : صالح أحمد الشامي


ولا شك بأن القضية البارزة في مكة على مسرح الأحداث، هي ما تعرض له المؤمنون من الإيذاء والابتلاء على أيدي المشركين، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم بمنجاة من ذلك.

ولذلك كان الحث على الصبر تنزل به الآيات بأساليب متنوعة، منها ذكر ما أصاب الرسل من البلاء وكيف صبروا عليه.

{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰٓ أَتَٰهُمْ نَصْرُنَا ۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِ ۚ وَلَقَدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِى ٱلْمُرْسَلِينَ. .} (1).

ولقد كان الاستهزاء من الوسائل الأولى التي قاوم بها المشركون الدعوة، ذلك أنه يثبط الهمم، وتضيق به الصدور، والقرآن يعرض لذكر الأنبياء السابقين وما أصابهم في هذا الجانب ليكون ذلك تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين:

{وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍۢ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ} (2).

{وَإِذَا رَءَاكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا . . . وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍۢ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ} (1).

إنه طريق النبوات ولا بد من الصبر.

وإذا كان الاستهزاء لم يعرقل سير الدعوة، فقد لجأ الكفر إلى اتخاذ وسائل أخرى تعتمد على التأثير النفسي من الوصف بالسحر والجنون والشعر. . وكانت الآيات الكريمة تنزل لتسليته صلى الله عليه وسلم، ودعوته إلى الصبر على ما يقولون. . ولكثرة هذه الأقوال وتداولها بين الكافرين. . تكرر التذكير بالصبر على ذلك مرة بعد مرة:

{فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ. .} (2).

{ٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُۥدَ. .} (3).

{فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ. .} (4).

وكلما طالت المعركة مع الكفر نزلت الآيات لتطمئن الرسول والمؤمنين أنهم على الحق، وأن عليهم الصبر على متابعة الطريق. . 

{وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيْكَ وَٱصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ ۚ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَٰكِمِينَ. .} (5).

{فَٱصْبِرْ ۖ إِنَّ ٱلْعَٰقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ . .} (6)

{فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِىِّ وَٱلْإِبْكَٰرِ} (7).

{فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ۚ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} (1).

{وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ } (2).

{فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} (3).

وآيات. . وآيات تحث المؤمنين على الصبر، وتجعله صفة لازمة لهم ينالون عليها الأجر عند الله تعالى. ففي سورة الفرقان بعد وصف عباد الرحمن:

{أُولَٰٓئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَٰمًا} (4).

وفي سورة العصر:

{وَتَوَاصَوْا بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِٱلصَّبْرِ} (5).

وفي سورة البلد:

{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا وَتَوَاصَوْا بِٱلصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِٱلْمَرْحَمَةِ } (6)

. وفي سورة الزمر:

{إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍۢ} (7)

.

لقد امتد نزول آيات الصبر على طول الفترة المكية يقود خطوات المؤمنين خطوة بعد خطوة، فتدربوا على تحمل المشاق وتحمل الأذى، وضبط الإرادة، وألا تكون تصرفاتهم ردود فعل، كما تدربوا على الالتزام بما يرد عن الله تعالى. . والانضباط مع أوامر رسوله صلى الله عليه وسلم.

المراجع

  1. سورة الأنعام: الآية 34.
  2.  سورة الأنعام: الآية 10.
    1. سورة الأنبياء: الآيات 36- 41.
    2. سورة ق: الآية 39.
    3. سورة ص: الآية 17.
    4. سورة طه: الآية 130.
    5. سورة يونس: الآية 109.
    6. سورة هود: الآية 49.
    7. سورة غافر: الآية 55.
      1. سورة غافر: الآية 77.
      2. سورة الطور: الآية 48.
      3. سورة الروم: الآية 60.
      4. سورة الفرقان: الآية 75.
      5. سورة العصر: الآية 3.
      6. سورة البلد: الآية 17.
      7. سورة الزمر: الآية 10.



المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day