1. المقالات
  2. السِّيرَةُ النَّبويَّةُ (تَربِيةُ أمَّةٍ وَبنَاءُ دَوْلَةٍ)
  3. مسؤولية الدولة

مسؤولية الدولة

الكاتب : صالح أحمد الشامي

مسؤولية الدولة:

إن الوفود التي قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عادت إلى بلادها ومعها الهدايا والصلات والجوائز. وقد يتساءل إنسان فيقول من أين قدم صلى الله عليه وسلم ذلك؟.

ونقول في الجواب على ذلك: إن جل الوفود كان قدومها في السنة التاسعة للهجرة، وقد علمنا مما سبق أن الخمس من إنتاج خيبر كان تحت تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك نصف إنتاج فدك، فقد كانت فيئاً خاصاً برسول الله صلى الله عليه وسلم . . وكذلك جزية أهل تيماء.

هذه الموارد وما يشبهها بدأت تشكل نواة دخل للدولة، ولقد وصلت الحال في السنتين الأخيرتين بعد الفتح أن نثر المال في المسجد وأعطي الناس جميعاً منه، حتى أخذ العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ما يستطيع حمله.

والدولة في المنهج الإسلامي، كما تطالب الناس في وقت الشدة أن يأخذوا دورهم في البذل والعطاء، فهي حينما يتوفر لديها الغنى فإنه يعود إلى الناس. .

وقد رأينا في فصل سابق كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي على من مات وعليه دين. فلما تغير الوضع الاقتصادي للدولة، بين أن ذلك الحكم كان حكماً مؤقتاً.

عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ قضاء؟ فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى عليه، وَإِلَّا قَالَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ" فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ: "أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ وعليه دَيْن فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ" (1).

وفي رواية: "

وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ"، وَمَنْ تَرَكَ كَلاٌّ (2) فإلينا" (3).

وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم:

"مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ" (4).

وهكذا بين صلى الله عليه وسلم مسؤولية الدولة تجاه الأفراد بكلمات يسيرة.

ولقد عاش المسلمون يجنون ثمرة هذا التشريع العظيم في كل وقت استقام فيه حكامهم من منهج الله تعالى. .

وقد سجل التاريخ ذلك في عهد الخلفاء الراشدين جميعهم. وفي عهد الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز، وفي عهد صلاح الدين.

وسوف يسجل ذلك كلما أتيح للإسلام أن يأخذ طريقه إلى حيز التطبيق.


المراجع

  1. رواه البخاري برقم 2298 ومسلم برقم 1619 واللفظ له.
  2. المراد هنا العيال، وأصله: الثقل.
  3. رواه البخاري برقم 2398، ومسلم في كتاب الفرائض برقم 17.
  4. رواه البخاري برقم 2399 واللفظ له، ومسلم في كتاب الفرائض برقم 16.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day