البحث
من باب الصبر علي البلاء
11- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ" (1).
غريب الحديث:
الصبر: سبق معناه.
المعنى الإجمالي:
الصبر أفضل عطاء؛ لأن من صبر عن محارم الله، وصبر على العمل بطاعة الله، وصبر على الأقدار المؤلمة، فقد استكمل أنواع الصبر، وحاز أرفع منزلة عند الله تعالى، وتلك المنزلة هي أوسع العطاء، وخير العطاء.
ما يستفاد من الحديث:
1- حقيقة الصبر: هو خلق فاضل من أخلاق النفس، يمتنع به المرء من فعل ما لا يحسن ولا يجمل.
2- بالصبر تصلح النفس، ويستقيم أمرها، فيقف المسلم مع البلاء بحسن الأدب، ويتجاوز المحنة بجميل التسليم، وكمال التوكل.
3- فالنفس فيها قوتان: قوة الإقدام وقوة الإحجام؛ فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه، وقوة الإحجام إمساكاً عما يضره.
4- لله عز وجل على العبد عبودية في عافيته، وفي بلائه، فعليه أن يحسن صحبة العافية بالشكر، وصحبة البلاء بالصبر.
5- ساحة العافية أوسع للعبد من ساحة الصبر؛ فإذا نزل البلاء فليس للعبد أوسع من الصبر؛ ففيه كمال الخير في الدارين.
6- الحض على الاستغناء عن الناس بالصبر، والتوكل على الله عز وجل، وانتظار الفرج من الله سبحانه وتعالى، وذلك هو الفضل الواسع.
7- من أمر نفسه بالصبر، ووضع الصبر على نفسه بالتكلف سهل الله عليه الصبر، ونال الخير الواسع.
8- والخلاصة: إن الله سبحانه وتعالى أعطى كل شيء خلقه، وما أعطى أحداً شيئاً خيراً من الصبر، لأنه جامع لمكارم الأخلاق.
9- وعد الله الصابرين أموراً عالية؛ وعدهم بالإعانة والعناية والتوفيق والتسديد، والمحبة والتثبيت والسكينة والطمأنينة، والصلوات والرحمة والهداية، والنصر والتيسير، والفلاح والنجاح، ودخول الجنة بغير حساب، فهذا هو الفضل الواسع، والخير العميم.
المراجع
- أخرجه البخاري (1469)، ومسلم (1053) مطولاً، وفيه قصة؛ وهي: أَنَّ نَاسًا مِنْ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ قَالَ: "مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ وَمَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً هُوَ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنْ الصَّبْرِ". -