البحث
من باب النهي عن الطيرة والقيل والقال
20- عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنَعَ وَهَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ" (1).
غريب الحديث:
العقوق: عق والده يعقه عقوقاً فهو عاق؛ إذا آذاه وعصاه وخرج عليه، وهو ضد البر به.
وأد البنات: كان إذا ولد لأحدهم في الجاهلية بنت دفنها في التراب وهي حية.
منع وهات: أن يمنع الرجل ما توجع عليه من الحقوق، أو يطلب ما لم يستحقه.
المعنى الإجمالي:
في الحديث نهي عن جملة من الخصال الذميمة؛ فنهى عن عقوق الأمهات، لما لهن من الفضل الكبير، ونهى عن وأد البنات، ونهى عن الكلام فيما لا ينفع، وعن الجدل فيما لا فائدة فيه، وعن إضاعة المال في الطرق التي لا تعود بفائدة دينية أو دنيوية.
وهذه الخصال الذميمة مشتملة على مفاسد دينية ودنيوية ومجتمعية.
ما يستفاد من الحديث:
1- تخصيص الأمهات بالنهي عن عقوقهن، لا يبيح عقوق الأب؛ فالحديث تنبيه بأحد الوالدين على الآخر، ولأن بر الأم مقدم على بر الأب.
2- والعقوق هو ترك البر والإحسان للوالدين، وقد رأيت في زماننا هذا من بر زوجه وأبناءه، وعق والديه، نسأل الله السلامة، وحسن الختام.
3- إضاعة المال بالإنفاق في حرام، أو مكروه، وأما ما أنفق في سبيل الله تعالى، وإن كثر، فليس بإضاعة، بل هو المصون والمحرز.
4- أما كثرة السؤال فيحتمل وجهين: أحدهما: كثرة السؤال في الأحكام التي لم تدع الحاجة إليها، والثاني: سؤال ما في أيديهم
5- ومحل الشاهد للباب قوله صلى الله عليه وسلم: "وكره لكم قيل وقال"، فكثرة القيل والقال مدعاة إلى الكذب، واشتغال بالأمور الضارة عن الأمور النافعة.
6- في زمن البلاء يكثر القيل والقال والشائعات، فيتلقاها الناس دون تثبت، فيتطرق اليأس والقنوط إلى القلوب.
7- فالواجب ترك الشائعات، الاهتمام بما ينفع في الدنيا والآخرة، وأن لا يستسلم المرء للأخبار الكاذبة زمن الوباء.
8- بل يجب التثبت في زمن البلاء أكثر؛ لئلا يتطرق إلى قلبه ونفسه ما يفسد عليه دينه ودنياه.
المراجع
- أخرجه البخاري (2408) ومسلم (593).