البحث
من باب الوقاية من الهلاك
18- عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ:
"لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ"، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا.قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: "نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ" (1).
غريب الحديث:
الويل: الحزن والهلاك والمشقة من العذاب.
وكل من وقع في هلكة دعاء بالويل.
الخبث: الفسوق والفجور.
المعنى الإجمالي:
يشير الحديث إلى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على سلامة المجتمع من الأذى الذي يلحق به، وقد حذر من شر أقوام يكون خروجهم شراً على المسلمين؛ ثم نبه صلى الله عليه وسلم إلى حصول الهلاك العام بكثرة الفساد والفجور.
ما يستفاد من الحديث:
1- حذر النبي صلى الله عليه وسلم مما يلحق الأذى والشرور بالمسلمين في عاجل أمرهم وآجله، شفقة ورحمة بهم.
2- جمع في الحديث بين الكلام على يأجوج ومأجوج، وبين الكلام على العقوبة المترتبة على كثرة الفساد، لاشتراكهما في معنى الفتنة، فحديث يأجوج ومأجوج من أحاديث الفتن، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الفتنة في الدين، أعاذنا الله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
3- إذا ظهرت المعاصي وجب على المؤمنين إنكارها، فإن لم يفعلوا فقد تعرضوا للهلاك العام، فيكون الهلاك طهارة للمؤمن، ونقمة على الفاسق،
قال تعالى:
{وَٱتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَآصَّةً}
[الأنفال: 25]
، فعقاب الله تعالى إذ أتى عم ونال المسيء والمحسن.
4- الوباء من العقوبات الإلهية التي أهلك الله بها بعض الأمم السابق كما مر، فوجب الرجوع إلى الله عز وجل، والنهي عن الفساد لرفع الوباء.
5- ويستأنس بالحديث على أن الحد من انتشار الوباء هو مسؤولية الجميع، فإذا لم يعزل من أصابه الوباء، ويمنع من المخالطة انتشر الوباء إلى الأصحاء فيهلك الجميع، وهذا كترك النهي عن المنكر حتى ينتشر الفساد فيهلك الجميع.
6- والمقصود: أن النار إذا وقعت في موضع واشتدت أكلت الرطب واليابس، أحرقت الطاهر والنجس، ولم تفرق بين الصالح والفاسد، والمخالف والموافق.
المراجع
- أخرجه البخاري (3346)، ومسلم (2880).