البحث
وكان صلى الله عليه وسلم يحسن إلى أقاربه:
وقد تعددت وجوه إحسانه صلى الله عليه وسلم إليهم وتنوعت، فكان يهتم بأمورهم ويسعى في تزويج من لم يتزوج منهم، كما في الحديث عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال: اجتمع ربيعة بن الحارث [ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم]، والعباس بن عبدالمطلب فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين [المطلب بن ربيعة والفضل بن عباس] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه، فأمرهما على هذه الصدقات، فأديا ما يؤدي الناس، وأصابا مما يصيب الناس.
فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب، فوقف عليهما، فذكرا له ذلك.
فقال علي بن أبي طالب: لا تفعلا، فوالله ما هو بفاعل.
فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسه منك علينا، فوالله لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما نفسناه عليك.
قال علي: أرسلوهما. فانطلقا.
فألقى علي رداءه ثم اضطجع عليه، وقال: أنا أبو حسن القرم، والله لا أريم مكاني حتى يرجع إليكما ابناكما بحور ما بعثتما به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر سبقناه إلى الحجرة فقمنا عندها، حتى جاء فأخذ بآذاننا، ثم قال: "أخرجا ما تصرران".
ثم دخل ودخلنا عليه وهو يومئذ عند زينب بنت جحش.
فتواكلنا الكلام، ثم تكلم أحدنا، فقال: يا رسول الله أنت أبر الناس، وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح، فجئنا؛ لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات، فنؤدي إليك كما يؤدي الناس، ونصيب كما يصيبون.
فسكت طويلاً حتى أردنا أن نكلمه، وجعلت زينب تلمع علينا من وراء الحجاب أن لا تلكماه.
ثم قال: "إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد. أدعوا لي محمية بن جزء"، وهو رجل من بني أسد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب.
قال: فجاءه فقال لمحمية: "أنكح هذا الغلام ابنتك" للفضل بن عباس فأنكحه.
وقال لنوفل بن الحارث: "أنكح هذا الغلام ابنتك" لي، فأنكحني.
وقال لمحمية: "أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا".
وقوله: "أصدق عنهما من الخمس" يحتمل أن يريد من سمهم ذوي القربي من الخمس؛ لإنهما من ذوي القربى، ويحتمل أن يريد من سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس".