البحث
وكان صلى الله عليه وسلم يعطي نساءه حقهن من المعاشرة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وله يومئذ تسع نسوة، قال قتادة رحمه الله: قلت لأنس رضي الله عنه: أو كان يطيقه؟ قال: "كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين".
قال ابن حجر رحمه الله: "وكان مع كونه أخشى الناس لله وأعلمهم به يكثر التزويج لمصلحة تبليغ الأحكام التي لا يطلع عليها الرجال، ولإظهار المعجزة البالغة في خرق العادة، لكونه كان لا يجد ما يشبع به من القوت غالباً، وإن وجد كان يؤثر بأكثره، ويصوم كثيراً ويواصل، ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، ولا يطاق ذلك إلا مع قوة البدن... والعرب كانت تمدح بكثرة النكاح؛ لدلالته على الرجولية... ولم تشغله كثرتهن عن عبادة".
ولم تكن تمنعه العبادة صلى الله عليه وسلم من مؤانسة زوجته، ومسامرتها، ومحادثتها،
فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى، فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة.
وحتى في السفر كان يماشى زوجته ويحادثها،
عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النبي إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث..."
ولم يترك النبي صلى الله عليه وسلم هذا الهدي مع نسائه حتى في ليلة بنائه بزوجة جديدة،
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "بني على النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش، بخبز ولحم، فأرسلت على الطعام داعياً، فيجيء قوم، فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قوم، فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتى ما أجد أحداً أدعو، فقلت: يا نبي الله، ما أجد أحداً أدعوه، قالأ: ارفعوا طعامكم... فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق إلى حجرة عائشة، فقال: "السلام عليكم أخل البيت ورحمة الله"، فقالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدث أهلك، بارك الله لك. فتقرى حجر نسائه كلهن، يقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة"
قول: "تقرى"، أي: تتبع الحجرات واحدة واحدة.
"فدورانه على حجر نسائه تفقد لأحوالهن، وجبر لقلوبهن، واستدعاء لما عندهن من أحوال قلوبهن، لأجل تزويجه؛ ولذلك استطلفنه بقولهن له: كيف وجدت أهلك يا رسول الله؟!
وصدور مثل هذا الكلام عنهن في حال ابتداء اختصاص الضرة الداخلة به؛ يدل على قوة عقولهن، وصبرهن، وحسن معاشرتهن، وإلا فهذا موضع الطيش، والخفة للضرائر، لكنهن طيبات لطيب"
وقي رواية: فجعل يمر على نسائه فيسلم على كل واحدة منهن: "سلام عليكم، كيف أنتم يا أهل البيت"، فيقولون: يخير يا رسول الله، كيف وجدث أهلك؟ فيقول: "بخير...".
قال النووي: "في هذا أنه يستحب للإنسان إذا أنى منزله أن يسلم على امرأته وأهله، وهذا مما يتكبر عنه كثير من الجاهلين المترفعين.
ومنها: سؤال الرجل أهله عن حالهم، فربما كانت في نفس المرأة حاجة، فتستحيي أن تبتدئ بها، فإذا سألها؛ انبسطت لذكر حاجتها"