1. المقالات
  2. محمد رسول الله حقًا وصدقًا_محمد السيد محمد
  3. مولد الرسول محمد بن عبد الله بن عبد المطلب

مولد الرسول محمد بن عبد الله بن عبد المطلب

وفداء جده عبد المطلب لابنه عبد الله

ولنتأمل في قصة فداء جد النبي محمد r لأبيه عبد الله فهي شبيهة بقصة إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل، وذلك عندما أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه إسماعيل، وذلك لما رأى في منامه أنه يذبح ولده إسماعيل، وتكررت هذه الرؤيا، ومن المعلوم أن رؤيا الأنبياء حق، ولكن من رحمة ربنا تبارك وتعالى بعباده أنه جل شأنه افتداه بذبح عظيم.

فبدلًا من أن يذبح إبراهيم عليه السلام ولده إسماعيل عليه السلام قام بذبح الذبيحة- كبش- التي افتدى بها ربنا سبحانه وتعالى إسماعيل عليه السلام، فبدلًا من أن تكون سنة الله في خلقه أن يذبح الآباء أبناءهم، امتن ربنا جل شأنه علينا بهذا الفداء، وكذلك عندما أراد عبد المطلب ذبح ابنه عبد الله، وذلك أن عبد المطلب حين ولي السقاية فيما ولي من وظائف الحرم أخذ يطيل التفكير فيما يلقاه الحجيج من مشقة بسبب شح الماء، فتذكر بئر «زمزم» التي كانت سببًا في إنقاذ جده إسماعيل عليه السلام من الهلاك عندما تركه أبوه إبراهيم عليه السلام ومعه والدته السيدة هاجر في هذا المكان الخالي من الماء بأمر من الله سبحانه وتعالى؛ لحكمة يعلمها هو جل شأنه، تذكر بئر زمزم التي جذبت إلى مكة القوافل على آثار الرعاة.([1])

وتذكر ما تناقله الآباء عن الأجداد من حيث «جرهم» ودفنها لبئر «زمزم» حين أُرغمت على الخروج من مكة، فود لو وفقه الله إلى العثور على موضع البئر المباركة المطمورة، فبعد أن وفقه الله سبحانه وتعالى لهذا غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث وليس له يومئذ ولد غيره، حتى إذا هم بالحفر بين وثني- أساف ونائلة- قامت إليه قريش تصده قائلة: والله لا نتركك تحفر بين وثني هذين الذين ننحر عندهما، وقاومت قريش ما أراده من حفر بئر زمزم وأطمعها أنه كان قليل الولد، ولكنه أصر على أن يمضي في الحفر، فلما بدت له الحجارة التي طويت تحتها البئر، وعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته قاموا إليه وقالوا: يا عبد المطلب، إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيه حقًا، فأشركنا معك فيها.([2])

فقال: ما أنا بفاعل، إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم، وأعطيته من بينكم، وبعد محاولة من قريش لمشاركة عبد المطلب في بئر زمزم باءت بالفشل أقام عبد المطلب سقاية زمزم للحجاج لا ينازعه فيها أحد من قومه.([3])

ونذر يومئذ لئن وُلِد له عشرة نفر ثم بلغوا معه بحيث يمنعونه، لينحرن أحدهم عند الكعبة؛ لأنه تذكر ما لقي من قريش عندما أراد حفر البئر وطمعها فيه؛ لأنه كان قليل الولد، وخرج عبد المطلب ببنيه العشرة وقد حمل كل منهم قدحًا عليه اسمه ليُضرب، فيعلم من سيخرج عليه القدح فيأخذه ليذبحه إيفاء بنذره، فضربت القداح فخرج الفتح على عبد الله- والد رسول الله  - وكان أصغرهم، ولم يكد الأب يهم بذبح فتاه حتى قامت إليه قريش من أنديتها فقالوا: ماذا تريد يا عبد المطلب؟ قال: أفي بنذري. فقالت له قريش وبنوه: والله لا تذبحه أبدًا حتى تعذَر فيه، لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه حتى يذبحه، فما بقاء الناس على هذا؟

فانتهوا إلى أن يقرب عشرة إبل مع ابنه عبد الله، وأن يضرب عليها وعلى ابنه عبد الله القداح، فإذا خرج القداح على الإبل فقد نجا عبد الله بن عبد المطلب، وإذا خرج القداح على عبد الله فإنه يزيد الإبل عشرًا، ثم يعيد ضرب القداح مرة أخرى حتى تخرج على الإبل، وبعد ما خرج القداح على الإبل أخذت فُنُحِرَت عن عبد الله بن عبد المطلب، ونجا حينئذ عبد الله والد رسول الله  من الذبح بعد هذا الفداء،([4]) ولعل هذا يذكرنا بقصة إبراهيم وذبح ولده إسماعيل عليهما السلام، فهما من قاما برفع قواعد البيت العتيق، فلقد شرفهما ربنا تبارك وتعالى بالرسالة والنبوة.

ومحمد بن عبد الله الذي نجا من ذبح أبيه له بعد الفداء هو الذي اختاره ربنا تبارك وتعالى واصطفاه ليطهر هذا البيت العتيق -الذي قام جداه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام برفع قواعده- من الأصنام ودنس الشرك والأوثان.

لقد كانت الرسل تخرج من بني إسرائيل، ولكن بنو إسرائيل كانوا يقابلونهم بالكفر والتكذيب والقتل، وكانوا يظنون أن رسول آخر الزمان سيخرج أيضًا منهم.

ولكن حكمة الله عز وجل ومشيئته جل شأنه اقتضت أن يكون هذا الرسول الخاتم الذي يُختم به المرسلون محمد من بني عمهم- إسماعيل- من العرب صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين.

* * *



([1]) تراجم سيدات بيت النبوة  د/عائشة عبدالرحمن 

([2]) (2) تراجم سيدات بيت النبوة  د/عائشة عبدالرحمن

 

([4]) تراجم سيدات بيت النبوة  د/عائشة عبدالرحمن

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day