البحث
أمرنا رسول الله بسبع ونهانا عن سبع - الجزء السابع
وبعد أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بهذه الأوامر السبع نهاهم عن سبع: 1- فقد نهاهم عن خواتيم الذهب، والنهي للرجال دون النساء، لما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد عن علي – رضي الله عنه – إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ رفع بهما يديه فَقَالَ: "إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حل لإناثهم". وقد حرم الله لبس الذهب على الرجال لئلا يتشبهوا بالنساء، ولما فيه من خيلاء وعجب. * * * 2- ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشرب في آنية الفضة لما فيها من إسراف وبذخ، ولأن الفضة إنما جعلت أثماناً للمشروبات لا لتجعل أوان يشرب فيها، ولأن في استعمالها كسر لقلوب الفقراء. وكذلك أواني الذهب، بل هي أشد حرمة، فلا يجوز للرجال ولا للنساء أن يشربوا في أواني الذهب والفضة للعلة التي ذكرناها. * * * 3- ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن المياثر – جمع ميثرة، بكسر الميم – ومعناه اللين، وهي فراش تضعه النساء لأزواجهن على السروج، يصنعنه من الحرير وقيل كن يصنعنه من جلود السباع، والأصح الأول. ولا يخفى ما في اتخاذ هذه المياثر من الخيلاء، وحب الظهور، والإسلام حريص على أن يتواضع المسلم لله في جميع مظاهره، ويتواضع للناس في غير منقصة ولا مذلة. * * * 4- ونهى عن "القسي" – بتشديد السين وكسرها وتشديد الياء – وهي: ثياب مضلعة بالحرير، أو هي كما يقول العيني في عمدة القارئ يشرح صحيح البخاري: ثياب من كتان مخلوط بحرير يؤتي بها من مصر، نسبت إلى قرية على ساحل البحر قريباً من تنيس يقال لها: القس، بفتح القاف وتشديد السين. * * * 5- ونهى عن لبس الحرير؛ لما فيه من نعومة لا تناسب خشونة الرجال، ولأنه يجلب عليهم الخمول والكسل، وفيه تشبه بالنساء، ولكن يجوز لمن كانت به حكة في جسمه ولا يستطيع لبس الخشن من الثياب؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في القمص الحرير في السفر من حكة كانت بهما، أو وجع كان بهما". * * * 6- ونهى عن لبس الديباج، وهو نوع من الحرير، ولكن يعفى منه ما يُكف به الثوب، وما يصنع منه جيب للقميص ونحوه بقدر أربع أصابع. لما جاء في صحيح مسلم من حديث عمر أنه كتب إلى عتبة بن قرقد بأذربيجان كتاباً قال فيه: "وإياكم والتنعيم وزى أهل الشرك، ولبوس الحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبوس الحرير، قال: إلا هكذا، ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه الوسطى والسبابة وضمهما". وجاء فيه أيضا: "أن أسماء – رضي الله عنها – قد أخرجت جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمولاها عبد الله لها لبنة ديباج، وفرجاها مكفوفان بالديباج". واللبنة – بكسر اللام وسكون الباء –: رقعخ في جيب القميص، والديباج هو الحرير. وقد قصدت بإخراجها أن هذا القدر من الحرير لبس محرماً لأنه قليل جداً. * * * 7- ونهى عن الإستبرق، وهو نوع من الديباج الغليظ، يصنع في بلاد فارس، ويباع شيء منه في أرض العرب، ويلبسه السادة منهم للخيلاء. ومن هذا يتبين لنا أن الإسلام وسط بين الإفراط والتفريط، فهو ينهي عن كل ما فيه اختيال وتفاخر، ولا ينهى عن الثياب التي ليس فيها شيء من ذلك مهما ارتفع ثمنها، كالصوف، وسائر الأنواع المعروفة بالجودة، ما لم تكن في نعومة الحرير. ونهى عن استعمال الأواني من الذهب والفضة، ولم ينه عن الأواني التي تدانيها في القيمة، أو ترتفع عنها بسبب الخامة أو جودة الصناعة؛ لأن الذهب والفضة أثمان ينبغي استغلالها وتنميتها، واستعمالها يعطل نموها، ويفوت على الناس الانتفاع بها في الصناعة والتجارة ونحو ذلك من وجوه المنفعة. والله هو الهادي إلى سواء السبيل. * * *