البحث
مكانة المرأة في المجتمع (الجزء الثالث)
مكانة المرأة في المجتمع
وإذا كان صلى الله عليه وسلم قد تكلم في خطبته عن الخطوط العريضة في وضع المرأة في المجتمع الإسلامي،
وواجب الإحسان إليها، وفقد كان في سلوكه صلى الله عليه وسلم مع زوجاته مما نقل إلينا ما صحح مسار المسلمين مما
لا مجال للحديث عنه، ولكني أكتفي بذكر أمثلة منه:
1- قال عمر بن الخطاب: والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم.
قال: فبينا أنا في أتأمره إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا قال: فقلت لها: ما لك ولما هناهنا، فيما تكلفك في أمر أريده؟
فقالت لي: عجباً لك يا ابن الخطاب، ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حق يظل يومه غضبان.
فقام عمر فأخذ رداءه مكانه، حتى دخل على حفصة، فقال لها: يا بنية، إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان؟
فقالت حفصة: والله إنا لنراجعه.
فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله، وغضب رسوله صلى الله عليه وسلم. . .
قال: ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها، فكلمتها.
فقالت أم سلمة: عدجباً لك يا ابن الخطاب، دخلت في كل شيء، حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه؟
قال عمر: فأخذتني والله أخذاً كسرتني عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها (1).
ولا شك بأن عمر بعد مقابلته لابنته ولأم سلمة تبين له أمر كا يجهله من سلوكه صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك درساً في تصحيح سلوكه مع امرأته. . لأنه - كما هو شأن كل صحابي - حريص على اتباع مسلك الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أموره.
ولا شك بأن ما نقل إلى عمر كان يتناقله زوجات الصحابة فيكون ذلك داعياً لهم لتعديل سلوكهم.
2- وسن الرسول صلى الله عليه وسلم الاستفادة من رأي أزواجه في الأمور العامة.
ففي صلح الحديبية، وبعد إبرام الصلح وكتابته - وكان بعض الصحابة غير راض فيه من غبن للمسلمين - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا) فما قام رجل منهم، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس.
فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك، أخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة، حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك.
فخرج، فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه.
فلما رأوا ذلك قاموا، فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً (2).
_______________________
لقد كان في مشورة أم سلمة رضي الله عنهما حلاً لمشكلة شعر الصحابة بعظمها بعد ذلك حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً كما ورد في الحديث.
نكتفي بهذين المثلين، فقد كانت سيرته صلى الله عليه وسلم في بيته ومع أزواجه نموذجاً يتأسى به النساء وينقلن ذلك لأزواجهن.
وبهذا بلغت المرأة غاية ما يصلح لها من سلوك وفق تشريع الله تعالى خالفها والعالم بما يصلح لها ويصلحها.
المراجع
- رواه البخاري (4913) ومسلم (1479).
- رواه البخاري (2731، 2732).