1. المقالات
  2. السِّيرَةُ النَّبويَّةُ (تَربِيةُ أمَّةٍ وَبنَاءُ دَوْلَةٍ)
  3. التنظيم الاجتماعي والسياسي

التنظيم الاجتماعي والسياسي

الكاتب : الشيخ صالح أحمد الشامي

وكان من أول أعمال التي باشر فيها النبي صلى الله عليه وسلم سلطته، ذلك الكتاب الذي كان الدستور الذي يضبط علاقات سكان المدينة بعضهم ببعض على اختلاف فئاتهم وتعدد أديانهم.

قال ابن إسحاق: وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم. وشرط لهم، واشترط عليهم:

"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على   ربعتهم (1) يتعاقلون بينهم (2)، وهم يفدون عانيهم (3) بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو عوف

على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. . [ثم ذكر بني ساعدة، وبني الحارث، وبني جشم، وبني النجار، وبني عمرو بن عوف، وبني النبيت، وبني الأوس] ثم قال:

وإن المؤمنين لا يتركون مفرحاً (1) بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل.

وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه.

وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة (2) ظلم، أو إثم، أو عدوان، أو فساد بين المؤمنين، وإن أيديهم عليه جميعا، ولو كان ولد أحدهم.

ولا يقتل مؤمن مؤمناً في كافر، ولا ينصر كافراً على مؤمن، وإن ذمة الله واحدة، يجير عليهم أدناهم، وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس.

وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم.

وإن سلم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله، إلا على سواء وعدل بينهم. وإن كل غازية غزت معنا يُعقب بعضها بعضاً، وإن المؤمنين يبيء (3) بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله، وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه.

وإنه لا يجير مشرك مالاً لقريش ولا نفساً، ولا يحول دونه على مؤمن.

وإنه من اعتبط (4) مؤمناً قتلاً عن بينه فإنه قود به، إلا أن يرضى ولي المقتول. وإن المؤمنين عليه كافة، ولا يحل لهم إلا قيام عليه.

وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة، وآمن بالله واليوم الآخر، وأن ينصر محدثاً (1) ولا يؤويه وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل، وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء، فإن مرده إلى الله عز وجل، وإلى محمد صلى الله عليه وسلم.

وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ (2) إلا نفسه، وأهل بيته.

وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف، [وذكر مثلهم يهود بني الحارث، وبني جشم، وبني الأوس، وبني ثعلبة، وبني الشطيبة].

وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد، وإنه لا ينحجز على ثأر جرح، وإنه من فتك فبنفسه فتك، وأهل بيته، إلا من ظلم، وإن الله على أبر هذا.

وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم، وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه، وإن النصر للمظلوم، وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.

وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة، وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وإنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها.

وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث، أو اشتجار يُخاف فساده، فإن مرده إلى الله عز وجل، وإلى محمد رسول الله، وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره (3).

إنه لا تجار قريش ولا من نصرها.

وإن بينهم النصر على من دهم يثرب، وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه، فإنهم سصالحون ويلبسونه، وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين، إلا من حارب في الدين، على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم.

وإن يهود الأوس، مواليهم وأنفسهم، على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة.

وإن البر دون الإثم، لا يكسب كاسب إلا على نفسه، وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم، وإنه من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة، إلا من ظلم أو أثم، وإن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله" (1).

المراجع

  1. أي جماعتهم.
  2. العقل: الدية.
  3. العاني: الأسير.
  4. المفرح: المثقل بالدين والكثير العيال.
  5. أي العظمة.
  6. من البواء: أي السواء، أي أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض فيما ينال دماءهم.
  7. اعتبطه: أي قتله بلا جناية منه توجب قتله.
  8. المحدث: الجاني.
  9.  يوتغ: يهلك ويفسد. 
  10.  أي أن الله وحزبه المؤمنين على الرضا به.


المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day