البحث
خيرية خلق الحياء
عَنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ"
(2).
وفي رواية "الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ" (3).
- قوله: "الْحَيَاءُ" الحياء من الحياة ومنه (الحياء) للمطر لكن هو مقصور (4).
وقد يطلق على مجرد ترك الشيء بسبب، والترك من لوازم الحياء.
وفي الشرع: خلق يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق (5).
قال الجنيد: الحياء رؤية الآلاء، ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء (6).
_______________________
- ابن حجر، فتح الباري (5/ 57).
- رواه البخاري، برقم (5766)، ومسلم برقم (37).
- رواه مسلم برقم (61).
- انظر: ابن منظور، لسان العرب (2/ 1075 - 1083).
- ابن حجر الباري، (1/ 52).
- ابن قيم الجوزية، مدارج السالكين، (2/ 249).
والحياء قد يكون غريزة، وقد يكون تخلقاً (مكتسب) ولكن استعماله على وفق الشرع يحتاج إلى اكتساب وعلم ونية. فعلى ذلك كان الحياء من الإيمان كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:
"وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ"
(1).
والحياء إن كان باعثاً على فعل الطاعات، وحاجزاً عن فعل المعصية كان خلقاً وسجية، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:
"إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ"
(2) وفي هذا قولان:
أحدهما: أنه تهديد. ومعناه الخبر، أي من لم يستح صنع ما شاء.
والثاني: أنه أمر إباحة، أي أنظر إلى الفعل الذي تريد أن تفعله، فإن كان مما لا يستحيا منه فافعله، والأول أصح، وهو قول الأكثرين (3).
وفي الترمذي مرفوعاً
"اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ"
قَالوا:
إِنَّا نَسْتَحِي يا رسول الله. "لَيْسَ ذَلِكم وَلَكِنْ مَنْ اسْتَحَى مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظْ الرَّأْسَ وَمَا وَعى وَلْيَحْفَظْ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَلْيَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَقَّ الْحَيَاءِ"
(4).
_______________________
- رواه البخاري برقم (9) ومسلم برقم (58).
- رواه البخاري برقم (6120).
- ابن قيم الجوزية، مدارج السالكين، (2/ 249).
- رواه الترمذي برقم (2458) عن ابن مسعود رضي الله عنه وقال: (هذا حديث إنما نعرفه من هذا الوجه) وذكره الحاكم في المستدرك (3/ 323) وصححه ووافقه الذهبي.