البحث
ويعفو عمن حاول قتله منهم
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما
أنه غزا مع رسول الله ﷺ قبل نجد، فلما قفل رسول الله ﷺ قفل معه، فأدركتهم القائلة[1] في واد كثير العضاه[2] فنزل رسول الله ﷺ، وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله ﷺ تحت سمرو[3] فعلق بها سيفه.
قال جابر: فنمنا نومة، ثم غذا رسول الله ﷺ يدعونا، فجئناه فإذا عنده أعرابي جالس[4].
فقال رسول الله ﷺ :( إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا[5].فقال لي: تخافني؟ قلت:لا. فقال لي: من يمنعك مني؟ قلت:( الله)، ثلاثا. فشام السيف. فها هو ذا جالس[6] ثم لم يعاقبه رسول اللهﷺ[7]
وفي رواية: فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله ﷺ، وقال:( من يمنعك؟)قال: كن خير آخذ. قال:( تشهد أن لا إله الله، وأني رسول الله؟) قال: أعاهدك على أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك؟ قال: فخلىرسول الله ﷺ سبيله، فجاء إلى قومه، فقال: جئتكم من عند خير الناس[8] فمن عليه النبيﷺ لشدة رغبته في استئلاف الكفار؛ ليدخلوا في الإسلام، ولم يؤاخذه بما صنع، بل عفا عنه.
ومن فوائد الحديث
فيه: ترك الإمام معاقبة من جفا عليه وتوعده إن شاء، والعفو عنه إن أحب.
وفيه: صبر الرسول ﷺ، وحلمه وصفحه عن الجهال.
وفيه: شجاعته، وبأسه، وثبات نفسه صلى الله عليه، ويقينه أن الله ينصره، ويظهره على الدين كله[9]
المراجع
- أي: وسط النهار وشدة الحر
- وهو كل شجر عظيم له شوك النهاية[255/3]
- أي: شجرة كثيرة الورق
- هو غورث بن الحارث؛ كما في رواية الحاكم
- أي مسلولا
- المراد أغمده، وهذه الكلمة من الأضداد، يقال شامه إذا أغمده. لسان العرب[330/12]
- وكأن الأعرابي لما شاهد ذلك الثبات العظيم، وعرف أنه حيل بينه وبينه؛ تحقق صدقه، وعلم أنه لا يصل إليه، فألقى السلاح، وأمكن من نفسه. فتح الباري[427/7]
- رواه البخاري[2910] ومسلم[843]
- رواه الحاكم[44322] وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في التعليقات الحسان[2872]