1. المقالات
  2. برنامج طريق النور
  3. أَقرِأها من ربها السلام!

أَقرِأها من ربها السلام!

13 2025/06/23 2025/06/23

في يومٍ تملأُه الطمأنينة في بيت سيدنا محمدﷺ ، وبينما كان يجلس وحيدًا يعبد الله، وخديجة تُعد الطعام.

فأتاه جبريل عليه السلام وقال له: يا محمد، ستأتيك الآن خديجة بطعام. 

فعندما تأتيك اقرأها من ربها السلام، فالله تعالى يُسلِّم عليها وأنا أيضًا.

ويبشرها بقصر واسع في الجنة من اللؤلؤ الخالص ليس فيه مشقة ولا عناء لا تشعر فيه إلا بالسعادة وراحة البال. (1)

هذا كان جزاء الله لأول ربِّة بيتٍ في الإسلام 

أنزل لها أعظم مَلَكٍ يُقرِئها من مالك الأكوان السَّلام، ويبشرها بمقامها ومكانها العالي في الجنان.

فعندما أخبرها رسول اللهﷺ قالت: إن الله هو السَّلام، ومنه السَّلام، وعلى جبريل السَّلام. 

أسلم الطفل ولم يسلم أبوه! 

 قبل البعثة بمدة طويلة، كان عم النبيﷺ أبو طالب يعاني من ضائقة مادية فذهب كلٌّ من العباس ومحمدﷺ ليأخذوا واحدًا من أولاده فأخذ محمدٌ عليًّا، وأخذ العباسُ جعفرَ.

فكان علي بن أبي طالب، يعيش مع محمدوخديجة في بيتهما، فتربى على أيدي محمدوأحبه كأبيه. (2) وعندما بعث الله النبيﷺ كان عليٌّ ذا عشرة أعوام، وفي يوم دخل على محمدﷺ وخديجة ورآهم ساجدين.

فسألهما: ماذا تفعلان؟ 

فأجابه محمد : إننا نصلي، وشرح له عن الإسلام، وقال له: يا علي، اترك الأوثان التي تُعبَد من دون الله.

فقال علي: أنا لا أستطيع فعل ذلك دون أن أكلِّم والدي أبو طالب.

فقال محمد ﷺ: لا تفعل، لا تخبر أحدًا، أنا سأكلم أبا طالب عندما يحين الوقت.

ذهب علي وغاب يومين، ثم عاد لمحمدﷺ. 

وقال له: يا محمد، إلامَ تدعو؟

فقال محمد : أدعوك إلى لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن تترك عبادة الأصنام والأوثان من دون الله.

فقال علي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله! (3)

تخيّل كيف لمحمدأن يسِر بهذا الأمر الخطير لصبي لم يبلغ من العمر أحد عشر عامًا، وكيف له أن يفهم هذه القضية الكبرى التي خفيت على بعض العقول التي كانوا يعتبرونها حكيمة في مكة ويُسلِم؟!

وفي يوم من الأيام، وأبو طالب يمشي رأى من بعيد محمدًاوعليًّا -رضي الله عنهما- واقفين في منطقة بعيدة جدًّا عن مركز مكة، وعن أعين الناس، يعبدون الله، ويؤدون صلاة.

 فاقترب منهما رويدًا رويدًا دون إصدار أي صوتٍ، حتى رآهم يقومون بحركات غريبة، يسجدون ويركعون ويتكلمون كلامًا رقيقًا.

فاقترب أبو طالب منهم أكثر، ليعلم ما الذي يفعله ابنه وابن أخيه.

فنادى أبو طالب ابنه عليًّا، وقال له: ما الذي تفعله؟ 

فأخبره عليٌّ عن الإسلام وعن محمدﷺ وعن الدين.

ثم جاء محمد، فسأله أبو طالب وهو مستغرب: ما الذي تفعلونه هنا بعيدًا عن الجميع؟ 

ﷺ: " أي: عم، هذا دين الله، ودين ملائكته، ودين رُسله، ودين إبراهيم، وبعثني الله دعوة للعباد، وأنت يا عم أحق الناس بالنصيحة واتباع الهدى، وأحق من أجابني وأعانني" 

فقال له أبو طالب: يا ابن أخي، أنا لا أستطيع أن أُفارق دين جدي عبد المطلب، ولكن .. والله لا يصيبك شيءٌ تكرهه، فاعبد الله وقل أنك رسولٌ ونبيٌّ، وأَدخِل الناس في دعوتك وافعل ما تريد، وأنا سأكون بظهرك، لن أسمح لأحدٍ أن يؤذيك ما دمت على قيد الحياة.

ثم أكمل أبو طالب: أما أنت يا علي، فكن مع ابن عمك فوالله لا يأمرك إلّا بخير. (4)

قمر ساطع في بيوت أهل مكة!

في إحدى الليالي قبل البعثة، رأى أبو بكر الصديق قمرًا ساطعًا فوق مكة.

ثم بدأ نور هذا القمر يدخل بيوت جميع أهل مكة، ثم فجأه سقط هذا القمر في حجره.

وهنا استيقظ أبو بكر من حلمه مستبشرًا مُستغربًا منه!

وذهب لرهبان وعلماء علَّهم يُفسِّرون له هذه الرؤيا العجيبة، فقالوا له: يا أبا بكر هذا زمان نبيّ آخر الزمان، وستكون أنتَ أسعد الناس به.

كان أبو بكر الصديق في الجاهلية رجلًا عاقلًا فلم يسجد لصنم قط، ولم يكن يشرب الخمر.

وكان معروفًا بين قومه بعلمه ومعرفته، فقد كان أعرف الناس بعلم الأنساب والتاريخ، وكان تاجرًا ذكيًّا جدًّا، وكان من أغنى أغنياء مكة.

تشعر عندما تراه أن الله قد هيأه ليكن رفيقًا لمحمد

فعندما حادثه النبيﷺ عن الإسلام؛ أسلم ليصبح بذلك أول الرجال إيمانًا.

 يقول النبيﷺ عن إسلامه: (ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلا كانت له عنده كبوة وتردد ونظر، إلا أبا بكر ما عكم عنه "ما تباطأ بل سارع" حين دعوته، و لا تردد فيه)  (5)

وفي اليوم الثاني من الدعوة سرًّا عاد أبو بكر إلى محمدومعه خمسة من أصحابه وقال لمحمد والسعادة والفرح تملآنه: هؤلاء أسلموا يا رسول الله! 

فقد بدأ أبو بكر بالأشخاص الذين يثق بهم وبرجاحة عقلهم.

- عثمان بن عفان

أحد الخلفاء الراشدين الذي أعزَّ الله به الإسلام والمسلمين والذي قال عنه النبيﷺ إنه رجلٌ تستحي منه الملائكة.

- طلحة بن عبيد الله 

الذي وقى بنفسه النبيﷺ في غزوة أحد حتى شُلَت يداه.

-  الزبير بن العوام

الذي كان عمه يلفه في حصير ثم يدخن عليه بالنار كي تزهق أنفاسه ثم يقول له: ( أكفر برب محمد أدرء عنك هذا العذاب).. 

فيجيبه الفتى صاحب الخمسة عشر عامًا :(لا والله .. لا أعود للكفر أبدًا)

وكان يقول عنه رسول الله ﷺ: الزبير ابن عمتي وحواري من أمتي.

-  عبدالرحمن بن عوف

وكان تاجرًا منفقًا؛ تصدق بنصف ماله، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم جهز خمسمائة فرس، وخمسمائة راحلة في سبيل الله. 

و شهد له النبيﷺ إنه من أهل الجنة وأن الله رضي عنه..

- سعد بن أبي وقاص.

الذي كان أول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله في الغزو عند القتال.

لقد كان هؤلاء الخمسة صغارًا جدًّا في أعمارهم ولكنهم كانوا كبارًا في عقولهم ففور ما سمعوا دعوة التوحيد؛ أذعنوا لها واتبعوها وثبتوا عليها! 

 فلك أن تتخيل مقدار الصدق الذي في قلب الصديق -رضي الله عنه وأرضاه- حتى يهدي الله -عز وجل- على يديه خمسة من العظام المبشرين بالجنة. (6)

الزاد الرُّوحي  

الصلاة كانت ولا زالت الزاد الروحي الذي يستقي منه المؤمنون إيمانهم  ويأخذوا منه قوتهم 

فلذلك شُرِعت الصلاة في  بداية الإسلام. 

حتى تكون جنة لهم لما سوف يعانوه من اختبارات في دينهم

فجاء جبريل إلى محمدٍﷺ، وأخذه وذهبا معًا إلى أعلى جبل في مكة.

فلما أصبحا وحدهما بعيدًا عن أعين الجميع، ضرب جبريل -عليه السلام- بجناحه الأرض، فنبع الماء، فبدأ جبريل الوضوء ومحمدينظر إليه بتمعُّنٍ ليتعلم كيفية الوضوء.

فلما انتهى جبريل، قام محمد وتوضأ مثلما توضأ جبريل تمامًا.

ثم قام جبريل وبدأ يصلي، ورسول الله ﷺ يفعل مثلما يفعل جبريل تمامًا ويصلي وراءه.

فتعلم محمدﷺ الوضوء والصلاة، وذهب إلى خديجة، فعلَّم حبيبته الوضوء والصلاة أيضًا فكانت مرة أخرى خديجة هي أول من يتوضأ ويصلي بعد محمدﷺ.

وكانت الصلاة في البداية فقط ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، ثم زيدت بعد المعراج إلى خمس.

والآن حان وقت تحديد مواعيد الصلاة!

فخرج معه جبريل -عليه السلام- مرة أخرى، فصلى به الظهر عندما مالت الشمس عن كبد السماء، وبدأت في الاتجاه للغرب، ولما صار ظل كل شيء مثله صلى به صلاة العصر، فلما غربت الشمس صلى به صلاة المغرب، ولما زال الشفق صلى به صلاة العشاء، ولما طلع الفجر في بدايته صلى به صلاة الفجر.

وفي اليوم التالي، صلى به الظهر لما صار ظل كل شيء مثله يعني مثل عصر اليوم الأول، وصلى به العصر لما صار ظل كل شيء مثليه، وصلى المغرب في وقتها، وصلى العشاء بعد أن ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر بعد أن أسفرت الشمس دون أن تشرق الشمس.

ثم قال له: يا محمد، هذه الصلاة ومواقيتها بين هذين الوقتين الذين علمتهما لك. 

(7) فتعلم الصحابة في بدايتهم كيفية الوضوء والصلاة، ومواقيت الصلاة. 

فأصبحوا بعد أن كانوا يسجدون لأصنام وأوثان لا تستطيع نفعهم ولا تملك ضرهم، أصبحوا يتعبدون للفرد الصمد خالق هذه الأكوان.

فدخلوا جنة الدنيا بعدما دخلوا الإسلام. 

فيا ترى من الذين أسلموا بعد ذلك؟ 

وإلى متى استمرت الدعوة السرية وبماذا امتازت؟ 

ومن هو الشاب الذي استضاف المسلمين في وكر أعدائهم 

ومن هو أول من أراق الدماء في سبيل الإسلام؟ 

 هذا ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة من برنامج طريق النور 



المراجع

  1. كتاب سيرة ابن هشام ت السقا - عبد الملك بن هشام - الجزء الأول - صفحة 241  https://shamela.ws/book/23833/264
  2. كتاب عيون الأثر - ابن سيد الناس - صفحة 111 https://shamela.ws/book/23653/108#p
  3. كتاب سيرة ابن إسحاق = السير والمغازي - محمد بن إسحاق - صفحة 137 https://shamela.ws/book/9862/129
  4. كتاب سيرة ابن هشام ت السقا - عبد الملك بن هشام - الجزء الأول - صفحة 246 و 247 https://shamela.ws/book/23833/270#p1
  5. كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون - موسى بن راشد العازمي - الجزء الأول - صفحة 201 https://shamela.ws/book/38114/198#p1
  6. كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون - موسى بن راشد العازمي - الجزء الأول - صفحة 204 و 205 https://shamela.ws/book/38114/201#p1
  7. كتاب عيون الأثر - ابن سيد الناس - صفحة 109 https://shamela.ws/book/23653/106
المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day