البحث
عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ
عَنْ مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيُّ قَالَ: لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ أَوْ قَالَ قُلْتُ بِأَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ. فَسَكَتَ. ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ. ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً" .
قَالَ مَعْدَانُ:"ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ لِي ثَوْبَانُ".
* * *
تكلمنا عن فضل الصلاة أكثر من مرة في هذا الكتاب، ولكن لم نقل كل شيء عنها، فهي الإيمان في أسمى صوره، وهي العبادة في أرقى معانيها، وهي الصلة الوثيقة بين العبد وخالقه، فيها يجد روحه وريحانه، بل فيها يجد فطرته التي فطره الله عليها؛ لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وترد العبد إلى عقله الذي به يعرف الله بأوصافه الكمالية، ونعوته الجليلة، فيخشع له في صلواته وخلواته خشوع الخاضعين لعظمته، الشاكرين لنعمائه، المتجهين إليه بقلوبهم الواعية التي خلصت بفضل الصلاة من شوائب الشرك الجلية والخفية، وطهرت من الشبهات العقدية، والنزعات الشيطانية، ومحصت لتكون وعاء للإيمان والعلم.
إن الصلاة ذكر وفكر.
أما كونها ذكراً فلاشتمالها على كل أنواعه القلبية واللسانية، فالقلب يذكر، واللسان يترجم عنه، والجوارح تتأثر بهذا الذكر حتى تلين وتستقر، ويظل العبد يزداد إيماناً مع إيمانه بالسكينة التي أنزلها الله في قلبه لما أكثر من السجود إليه عن حب ورغبة حتى تحولت أهواؤه من أهواء نفسية إلى أهواء ربانية – إن صح هذا التعبير.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد قال: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ ".
فمن الناس من جعل إلهه هواه، ومن الناس من جعل هواه في الله.
إن الصلاة فرار إلى الله. والفرار إلى الله ثلاثة أقسام:
- فرار من الكفر إلى الإسلام، والصلاة ركن من أركانه، وبرهان على صحته
- وفرار من المعصية إلى الطاعة، والصلاة تبعد العبد عن المعصية، وتقربه إلى الطاعة { إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } (سورة العنكبوت: 45).
- وفرار منه إليه، بمعنى أنه يقول بقلبه ولسانه كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ".
والصلاة هي الفرار الحقيقي إلى الله – عز وجل – وهي الملاذ لكل عبد منيب يعتمد على ربه في كل شيء، ويثق بفضله ثقة لا حدود لها، فيهرع إلى الصلاة رغبة ورهبة لكي يكون مستجاب الدعوة.
"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر هرع إلى الصلاة".
أي كان إذا أهمه أمر من أمور المسلمين، ولم يجد حلاً لمشكلة من المشكلات يفزع إلى الصلاة يدعو ربه وهو واضع جبهته وأنفه على الأرض تذللاً وتمسكنا لمن خلقه فسواه، ويعلم سره ونجواه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ فيه فقمن – أي جدير – أن يستجاب لكم".
وروى مسلم في صحيحه عن علي – كرم الله وجهه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يقول: "اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ فَأَحْسَنَ صُورَتَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ".
وروى مسلم في صحيحه عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال وهو يصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في التهجد: " ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ أَوْ فِي سُجُودِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يساري نُورًا وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَعظم لِي نُورًا".
ومن أوصاف عباد الرحمن أنهم كانوا يبيتون لربهم سجداً وقياماً، وأنهم كانوا يدعون ربهم في صلواتهم وخلواتهم يخالص الدعاء النافع في الدنيا والآخرة، هذا مع تواضعهم لله وكف أيديهم عن أذى الناس، وتركهم المعاصي صغيرها وكبيرها، واشتغالهم بتلاوة القرآن وسماعه.
اقرأ قوله تعالى: { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا } إلى قوله تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا } (سورة الفرقان: 63-76).
واقرأ قول الله – تبارك وتعالى – فيهم: { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } (سورة السجدة: 15-16)
واقرأ قوله – عز من قائل- : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } (سورة الذاريات: 15-19).
إن الله – عز وجل – جعل الصلاة أعظم تعبير عن شكره فأمر بها من أنعم عليهم بأعظم النعم. وذلك في آيات كثيرة.
فقد أمر الله مريم البتول – رضي الله عنها – بعد أن ذكرها بنعمه عليها بأن تقوم له في صلاتها قياماً طويلاً، وأن تركع له وتسجد تذللاً وتضرعاً.
{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } (سورة آل عمران: 42-43).
وزكريا – عليه السلام – لما جاءته آية من ربه تبشره بحمل امرأته خرج على قومه من محرابه، وأشار إليهم بيده إشارة يأمرهم بها أن يصلوا لله شكراً له على نعمائه، وعلى نعمة الولي الذي سيخلفه فيهم من بعده، وهو يحيي عليه وعلى جميع الأنبياء الصلاة والسلام.
وأوحى إليهم أن يسبحوا ربهم صباح مساء مخلصين له الدين خاشعين خاضعين.
قال تعالى { فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } (سورة مريم: 11).
والتسبيح يطلق ويراد به الصلاة – أحياناً – ولذا سميت الصلاة في اللغة تسبيحاً.
وقد فرض الله على نبيه أن يصلي من الليل ثلثيه أو نصفه أو ثلثه بقدر طاقته وجهده، وذلك قبل أن تفرض الصلوات الخمس.
قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا } (سورة المزمل: 1-6).
وقيل: إن قيام الليل كان واجباً على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فرض الصلوات الخمس، بدليل قوله تعالى: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } (سورة الإسراء: 79).
وكان أصحابه – رضوان الله عليهم – يقتدون به في قيام الليل فيصلون ما شاء الله أن يصلوا، وهم في غاية السرور والحبور يستعذبون طول القيام ولا يملونه.
ففي الصلاة غذاء الروح فإن قويت الأرواح قويت الأبدان، وإن ذاقت الأرواح حلاوة المناجاة أنست أبدانها متاعبها.
وفيهم نزل قوله تعالى: { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } (سورة المزمل: 20).
* * *
وقد كان التابعون يسألون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال كما كان أصحابه يسألونه عن ذلك، وأهل الإيمان حريصون على أن ينالوا أرفع الدرجات عند ربهم بفضل ربهم، ويحبون أن يسلكوا أيسر المسالك، وأقربها إلى مرضاة الله عز شأنه وجل جلاله.
إن الله وصفهم بما يحملهم على ذلك بقوله: { إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } (سورة المؤمنون: 57-61).
وهذا واحد من التابعين يسأل ثوبان مولى النبي صلى الله عليه وسلم – أي خادمه – عن أفضل الأعمال التي تقربه من الله – عز وجل – ويلح عليه في السؤال، وثوبان ساكت لا لأنه يبخل عليه في الإجابة، ولكن ليرى مدى اهتمامه بهذا الطلب الجليل. فلما سأله الثالثة أجابه بأنه قد سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم – فهم لا يفتيه عن رأيه، وإنما يجيبه بما أجابه النبي صلى الله عليه وسلم – فيقول: " عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ".
وهو أسلوب إغراء، ومعناه: الزم وداوم على كثرة السجود، أي كثرة الصلاة، فعبر عنها بأهم ركن من أركانها، من إطلاق الجزء وإرادة الكل – كما يقول علماء البلاغة-.
ثم يبشره بنتاج عمله هذا لو داوم عليه وأخلص فيه فيقول: "فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً".
والمراد بالدرجة: زيادة الإيمان شيئاً فشيئاً حتى يملأ كيان صاحبه، فيكون هو القوة الفعالة التي بها يسمو إلى درجات العلى في الجنة.
وذلك لأن في الصلاة تزكية للنفوس وتقويم للأخلاق – كما أشرنا – والله عز وجل يقول: { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } (سورة الشمس: 9).
ويقول حكاية عن المؤمنين من سحرة فرعون: { وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى } (سورة طه: 75-76).
وكلما ارتفع المؤمن درجة في الإيمان تلاشت سيئاته وبدلت حسنات، فإنه إذا تاب وأناب واتجه إلى الله بقلبه محيث سيئاته شيئاً فشيئاً حتى لا يبقى لها وجود ولا أثر.
يقول الله – عز وجل - : { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } (سورة هود: 114).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذبي أخرجه الترمذي: "اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تمحها، وَخَالِقْ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ".
وأكد الراوي صحة الحديث وشهرته بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بما جاء في آخره، وهي شهادة أبي الدرداء لصدق ثوبان فيما روى. وهم أهل الصدق كله؛ لأنهم على مثال الخلق الفاضل، والكمال الوافر، وصفهم الله في سورة الحشر – بأوصاف لم يداينهم فيها أحد.
قال تعالى: { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (سورة الحشر: 8-9).
وكان التابعون لهم بإحسان خير خلف لخير سلف، وصفهم الله بقوله بعد الآيتين السابقتين:
{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } (سورة الحشر: 10) آمين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
* * *