البحث
الحديث الثاني عشر: (اللهم إني أحبه فأحبه، وأحبب من يحبه)
روى الشيخان واللفظ لمسلم عن أبي هريرة :
خَرَجْتُ مع رَسولِ اللهِ ﷺ في طائِفَةٍ مِنَ النَّهارِ، لا يُكَلِّمُنِي وَلا أُكَلِّمُهُ، حتّى جاءَ سُوقَ بَنِي قَيْنُقاعَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، حتّى أَتى خِباءَ فاطِمَةَ [عند البخاري: فَجَلَسَ بفِناءِ بَيْتِ فاطِمَةَ] فَقالَ" :أَثَمَّ لُكَعُ؟ أَثَمَّ لُكَعُ؟" يَعْنِي حَسَنًا فَظَنَنّا أنَّهُ إنَّما تَحْبِسُهُ أُمُّهُ لأَنْ تُغَسِّلَهُ وَتُلْبِسَهُ سِخابًا، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جاءَ يَسْعى، [عند البخاري: وفي عُنُقِهِ السِّخابُ] حتّى اعْتَنَقَ كُلُّ واحِدٍ منهما صاحِبَهُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: اللَّهُمَّ إنِّي أُحِبُّهُ، فأحِبَّهُ وَأَحْبِبْ مَن يُحِبُّهُ. وزاد البخاري وقالَ أبو هُرَيْرَةَ: فَما كانَ أحَدٌ أحَبَّ إلَيَّ مِنَ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، بَعْدَ ما قالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ ما قالَ
المعاني:
طائِفَةٍ: قطعة وبعض
خِباءَ: بيت
بفِناءِ بَيْتِ: الساحة الداخلية للبيت
أَثَمَّ لُكَعُ؟: أين الصغير؟، يعني طفلها الحسن بن علي رضي الله عنه، وإن قيلت للكبير فتعني قلة العقل وقلة المكانة فيراد بها الذم
تَحْبِسُهُ: تؤخره
سِخابًا: قلادة عنق للأطفال فيها قرنفل أو عنبر أو خرز، يُعطَّرون ويزينون بها
جاءَ يَسْعى: جاء مسرعا إجابة لإشارة النبي إليه كما في بعض الروايات، لتَعَوُّدِه عليها
الفوائد ( 30 فائدة)
فوائد في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وحق آل بيته:
1. تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وذهابه للتسوق بنفسه
2. خروج النبي صلى الله عليه وسلم للسوق لمراقبته وتعليم الناس الأحكام المتعلقة بالمعاملات
3. سيره صلى الله عليه وسلم مع أصحابه دون حراسة أو مرافقين يدفعون الناس
4. جلوسه صلى الله عليه وسلم في فناء البيت دون تخصيص مجلس له
5. تلطفه ومحبته صلى الله عليه وسلم للأطفال وملاعبته لهم
6. تبسطه وإخباره صلى الله عليه وسلم عن حبه وأحاسيسه تجاه أهل بيته من زوجة أو بنات أو ذرية
7. فضل الحسن بن علي رضي الله عنه وعن والديه، والخبر أنه من أهل الجنة وهو خامس الخلفاء الراشدين المهدين، وحقن الله به دماء المسلمين
8. التعبد بمحبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الإجمال في كل زمان ومكان وإكرامهم وإجلال قدرهم دون إفراط أو غلو
9. محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أسباب جلب محبة الله للعبد، فإن من أحبهم أحبه الله كدعاء النبي صلى الله عليه وسلم
10. بمفهوم المخالفة أن من أبغض آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه أو من ذريته أبغضه الله
الفوائد الفقهية:
- جواز لبس القلادة للذكور والإناث من الأطفال للزينة ما لم تكن تميمة
- استحباب إخبار من تحب بحبك له
- جَوَاز المعانقة
- وجوب قيام ولي أمر المسلمين بمراقبة معاملات الأسواق والتجارات وضبطها شرعيا وهي ما يعرف تاريخيا بمهنة المحتسب
- وجوب تفقد ولي الأمر لحال الناس واحتياجاتهم بنفسه أو من ينوب عنه في ذلك
- جواز تسمية الأماكن بأسماء من يسكنها وإن كانوا كفارا، واستمرار ذلك ولو بعد مغادرتهم إذا لم يكن فيها مخالفة شرعية "سوق بني قينقاع"
الفوائد التربوية:
- تنظيف وتعطير وتزيين الأطفال الصغار سواء كانوا ذكورا أو إناثا، وخاصة عند حضور الأهل والزوار الأفاضل، وهذا من شأنه زيادة قبولهم عند الكبار، وينعكس على تقدير الكبار واحتفائهم بهم فيزداد الأطفال فرحا بذلك
- الدعاء للأطفال من الذرية والعامة وإخبارهم بأنهم محبوبون، ودعاء الله أن يحبهم ويحبب الخلق فيهم
- معانقة الأطفال الصغار وتعويدهم على ذلك رحمة بهم وتوددا إليهم، لما فيه من منحهم الإحساس بالأمان والطمأنينة، وهو ما يسهم في تنمية السواء النفسي للطفل
- إمكانية تعديل السلوك والعواطف فقد صار أبو هريرة يحب الحسن أكثر من كل أحد بعد ما سمع من خبر، ولم يكن كذلك قبلها
الفوائد العامة:
- توقير الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رأى أبو هريرة أن رسول الله لم يبادره بالكلام، فسكت ولم يبادره بالكلام
- عدم الكلام بين أشخاص يسيرون في طريق واحد أو مكان واحد لا يعني وجود تخاصم أو احتقار بينهما
- لكل مقام مقال ولكل شخص أسلوب يخاطب فيه، فما يقال للطفل من باب التحبب قد لا يقال للكبير وقد يعد إهانة
- ملاعبة الأطفال والتودد لهم لا ينافي الوقار والهيبة
- فضل أبي هريرة لملازمته الشديدة لرسول الله، حتى أنه رافق الرسول صلى الله عليه وسلم في زياراته العائلية وليس العامة فقط
- تكريم الإسلام للمرأة بأن جعلها سيدة وملكة في بيت الزوجية فنسب البيت إليها (بيت فاطمة) مع أن البيت ملك لزوجها، وهي نسبة للاختصاص وليست للملكية
- حرص الصحابة على موافقة النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما فعله أو قاله "فما كان أحد أحب إلي من الحسن"
- تكرار السؤال للتحقق من بلوغه للمسئول''أثم لكع، أثم لكع''
- التوازن في حياة الداعية، فلا ينبغي للداعية أو العالم أن ينشغل بدعوته أو نشاطه العلمي عن أهل بيته، وهم أحق الناس بدعوته وعلمه
الفوائد اللغوية:
- وقوع الظن بمنزلة العلم في قوله "فظنَنّا"