1. المقالات
  2. من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم
  3. اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا

اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا

الكاتب : الدكتور محمد بكر إسماعيل
3777 2019/08/28 2024/10/05
المقال مترجم الى : English हिन्दी Español

 
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا".
إيذاء الجار من أكبر الذنوب جرماً وأثقلها حملاً يوم القيامة، ومن أشدها خطراً على الأفراد والمجتمعات في الدنيا، فهو نوع من التجني على أقرب الناس وأنفعهم للمتجني من ذوي قرابته وذوي رحمه، فالجار وإن جار – كما يقولون في الأمثال.
 
ورب أخ لك لم تلده أمك – كما جاء في الحكم.
 
والأخ الي لم تلده أمك: هو الجار المؤمن الذي اجتمعت فيه شع الإيمان أو الصديق المخلص الذي اجتمت فيه أوصاف الصداقة وخصال الصحبة.
 
وقد تكلمت عن إكرام الجار والإحسان إليه، والعطف عليه وترك أذاه في وصية سابقة، فلا نعيد الكلام فيه هنا، وإنما نعني في هذه الوصية بما جاء فيها من التلطف بالنساء والتعطف عليهن، والإحسان إليهن، ومعاشرتهن بالمعروف، ومعاملتهن على النحو الذي يقره الشرع الحكيم، والمحافظة على أنفسهن ونسلهن وأعراضهن وأموالهن، والعناية بتنشئتهن على الخلق الفاضل والسلوك النبيل، وغير ذلك مما تشتمله هذه الوصية وتشير إليه ولو من بعيد.
 
فهي وصية من أعظم الوصايا التي تضمن للرجال والنساء العيش في سلام ووئام، وحب وحدب وتفاهم، وتُعرف كلا من النوعين بحقوقه وواجباته.
 
كما تشتمل هذه الوصية على تحليل لشخصية المرأة في أسلوب موجز بليغ مهما دندن العلماء حوله ما عرفوا أبعاده ولا سبروا غوره، ولا وقفوا على جميع محتواه العلمي والفني.
إنه تحليل نفسي عجيب في تشبيه يعبر أصدق تعبير عن طبيعة المرأة وطباعها.
 
وسنرى من خلال دراستنا المتواضعة لهذه الوصية تلك الحكمة السامية التي ترد كل امريء إلى عقله حين يسور ويدور حول نفسخ في فهم ما جُلبت عليه المرأة من المتناقضات والألغاز المحيرة، التي لابد له من معرفتها حتى يتمكن من مواجهتها بالتي هي أحسن، والتفاعل معها من غير أن يفتقد شيئاً من رجولته ولا تنتقص شيئاً من مروءته وحلمه.
وقد أوصى النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بالنساء خيراً بعد النهي عن إيذاء الجار؛ لأن المرأة هي الجار الملاصق، الذي يرتبط بجاره ارتباطاً وثيقاً بميثاق غليظ أقره الله من فوق سبع سماوات وجمع به بينهما في خير، حتى أفضى بعضهم إلى بعض، وكان كل منهما لباساً للآخر وستراً عليه.
 
فالإيصاء بالنساء مناسب كل المناسبة مع الإيصاء بالجار، فإذا كان إيذاء الجار من أكبر الكبائر كان إيذاء الزوج لزوجته أكبر من إيذاء الجار لجاره قطعاً كما تدل عليه شواهد كثيرة.
 
وهذه الوصية موافقة لما جاء في قوله تعالى: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ } (سورة النساء: 36).
 
وقد عرفنا في وصية سابقة أن الجار القريب المسلم له ثلاث حقوق: حق الإسلام، وحق الجوار، وحق القرابة. وأن الجار المسلم غيرالقريب له حق الإسلام وحق الجوار. وأن الجار غير المسلم له حق واحد وهو حق الجوار.
 
وعرفنا أن الصاحب بالجنب والزوج والزوجة، فإذا كانت الزوجة مسلمة قريبة تعيش في بيت زوجها ملاصقة له، يجد كل منهما مع الآخر سكوناً نفسياً وجنسياً فكم يكون لها من الحقوق عليه! وكم يكون له من الحقوق عليها!.
لهذا أوصى النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الرجال بهن؛ رعاية لهذه الحقوق المتعدة والمتشابكة، التي لو نظرنا إليها ما أحصيناها عداً، ولكن ذكر الأصول هنا يغني عن ذكر الفروع.
 
وجماع الحقوق كلها في كلمة "خيراً" فإنها كلمة جامعة لخصال البر كلها.
 
اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، أي فليوص بعضكم بعضاً بما يجب لهن من النفقة والكسوة والإعفاف وحسن العشرة.
 
هذا التواصي يقوم على أمرين أساسين بوجه عام، ورد ذكرهما في سورة العصر، وهما التواصي بالحق والتواصي بالصبر.
 
ففي التواصي بالحق دفع للظلم وإبطال للباطل، وفي النواصي بالصبر دفع للأى ومواجهة للعنف بالحلم والأناة، ومعالجة للأمور بالحكمة والموعظة الحسنة.
 
وهذه الوصية النبوية ترجمة لقوله تعالى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } (سورة النساء: 19).
 
والمعروف ما تعارف عليه العقلاء ووافق الشرع، كما سيأتي بسطه في الوصية التالية.
 
وهذه الوصية تدعو الرجال إلى مرعاة العدل وتحريه بدقة في جيمع الأمور.
 
وميزان العدل في الإسلام أن يُعطي المرء من الحقوق مثل ما عليه من الواجبات.
 
قال تعالى: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (سورة البقرة: 228).
 
والعدل يتبعه الفضل والعفو والتسامح والتقوى فالحياة الزوجية لا تقوم على العدل وحده، وإن كان العدل في جميع الأمور كافياً، فإن كلاً من الزوجين يسكن إلى الآخر ويميل إليه ويطمئن بوجوده معه إذا كان هناك مزيد من الفضل، وهو التراحم والتعاطف والتعاون، والعفو عن العقاب، والصفح عن العتاب، والتعاضي عن العيوب والأخطاء.
 
وبهذا كله يسعد الزوجان وتسعد بهما أسرتاهما، بل يسعد بهما المجتمع كله، فالأسرة – كما نعلم – لبنة في بناء المجتمع، إذا صلحت صلح المجتمع كله.
 
يقول الله – عز وجل - : { وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } (سورة البقرة: 237).
والمرأة حُرية بالإشفاق عليها، وجديرة بحسن معاشرتها إذا كانت مؤمنة مهما كثرت أخطاؤها؛ ولهذا علل النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – هذه الوصية بقوله: "فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ" أي خلقن معوجات كاعوجاج الضلع، وليس المعنى – فيما أرى – أنهن خلقن من ضلع آدم، بمعنى أن حواء خلقت من ضلعه ثم خلقت سائر النساء من ضلع الرجال.
 
والدليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ".
 
وهذا التشبيه كقوله تعالى: { خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ } (سورة الأنبياء: 37).
 
أي كأنه لفرط استعجاله خلق من عجل، فالعجل طبع له وجبلة فيه، وهكذا العوج في المرأة، فهو طبع لها وجبلة فيها، فلا ينبغي أن تلام كثيراً على ما يأتي به هذا الطبع من الهفوات، ولا تعاقب على ما يصدر منها من الأخطاء إلا إذا كان في العقاب تأديب لها على خطأ تكرر منها.
 
وإذا عوقبت عوقبت برفق، وذلك بعد وعظها وإرشادها إلى ما فيه صلاح دينها ودنياها.
يقول الله – عز وجل- : { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا } (سورة     النساء: 34).
 
أي واللاتي تخافون ترفعهن عليكم بالمخالفة والعصيان، فعظوهن وعظاً بليغاً بطريق مباشر تارة وبطريق غير مباشر تارة أخرى، أو ابعثوا لهن من يعظهن إن كنتم غير قادرين على ذلك، أو كن لا يسمعن لكم لاستخفافهن بكم أو اتهامهن لكم.
 
فإن فشلتم في هدايتهن إلى طاعتكم فاهجروهن في المضاجع بأن لا تجامعوهن، ولا تمارسوا معهن مقدمات الجماع، وأنتم معهن في الفرش؛ فإن ذلك يؤثر فيهن تأثيراً قوياً ويحرجهن إحراجاً شديداً، ويكسر ما لديهن من أسلحة يدافعن بها عن أنفسهن ويتعالين بها على الرجال، وهي أسلحة الفتنة والإغراء الجنسي.
 
فإن لم يكبح جماحها الهجر في المضاجع فليكن الضرب هو الوسيلة لذلك.
 
فإن لم يجد الضرب واستحكم الشقاق واستحال الوفاق، فليس إلا الطلاق.
 
{ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ } وعدن إلى رشدهن فلا تلتمسوا لهن الأسباب الواهية لضربهن وإيذائهن بالشتم ونحو ذلك، فإن كنتم عليهن قادرين فالله عليكم أقدر.
وقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – "وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ" يعني لسانها، فإن لسانها أمام قلبها وخلف عقلها، لا تستطيع أن تتحكم فيه غالباً، فهو يندفع مع اندفاع عواطفها، وكثيرا ما تغلبها عواطفها، فيسور اللسان مع سورانها، فيقول ما لا ينبغي أن يقال، وهو صغير الجِرم كبير الجُرم يوقع صاحبه في مآزق لا يمكنه التحلص منها، وغالباً ما يكون السبب في هلاكه.
 
لهذا كان من الخير له ولها أن يعفو عن زلات لسانها، لأنه أعوج شيء في الضلع – كما أشار النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فإن استطاع الرجل أن يتسامخ في زلات لسانها، فقد ملك عواطفها الجياشة بالشر، وسيطر على مشاعرها المتناقضة في كثير من الأحيان، وبذلك يتيح لها أن تستفرغ شحنتها من الانفعالات الغاضبة بما تهرف به من الكلام الساقط، وعندئذ تعود إلى رشدها أو تقاربه وينتهي الأمر بسلام.
 
والمرأة ليس فيها إلا لسانها – كما يقولون – فإن ضربت صفحاً عما يتهافت منه، فأنت حكيم.
 
والحكمة من أعظم ما يؤتاه المرء بعد الإيمان.
 
يقول الله – عز وجل - : { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } (سورة البقرة: 269).
 
إنك لو استطعت أن تكبح جماح نفسها بالسكون فأنت على ما سوى ذلك أقدر، وإن عجزت فأنت على ما سوى ذلك أعجز.
والضلع الأعوج لا يقبل أن يقيمه مقيم، ولا ينتفع به إلا وهو معوج فهكذا خلق، وفي هذا تكون منفعته.
 
والمرأة مثله في ذلك تماماً، فالخير كل الخير في الاستمتاع بها على ما فيها من عوج، ففي عوجها أنوثتها، ومن خلال الرضا بهذا العوج تنبعث رجولة الرجل، سواء صبر عليها أو عاقبها.
 
فإن عاقبها على شيء في حدود ما شرع الله، فهو رجل بحزم وعدالته.
 
{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } (سورة الشورى: 40).
 
وإن صبر عليها وعفا عنها في شيء، فهو رجل بعزمه وصبره.
 
{ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ } (سورة الشورى: 43)
 
وهذا هو معنى قوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: "فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا".
 
وقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا". 
 
فليس من العقل أن يتمادى الرجل في إيذاء زوجته بدعوى إصلاحها حتى يؤدي به الأمر إلى طلاقها، ولكن من الخير أن يعفو عن كثير.
 
{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } (سورة الشورى: 40).
 
عليه أن يرحم ضعفها، وأن يقدر ظروفها، وأن يعذرها دائماً على تقصيرها في حقه أو في حق أسرته، ويذكر أن العوج طبع فيها لا يمكنها التخلص منه بسهولة ويسر.
 
ومن عرف طبع امريء جاراه عليه ولو على مضض، إذا كان في هذه المجاراة خير له، بشرط ألا يكون فيها معصية لله تعالى.
 
ولا يخفى عليها أن مجاملة المرأة بالكلام الطيب والحديث المعسول يُعدل من سلوكها كثيراً، ويخفف من حدة غضبها وسوران طبعها، ويجعلها في حالة مُرضية.
 
فهي تحب الإطراء والثناء، وتميل ميلاً عظيماً إلى إظهارها بمظهر رفيع بين الناس، وهذا أمر لا يثقل على الرجل الحاذق الحكيم.
 
فما ضره لو أظهر إعجابه بها وحبه لها وإنها أحسن امرأة في نظره، ووعدها وعداً حسناً بتحقيق ما تحبه وتصبو إليه، دون مبالغة في ذلك إلى الحد الذي يغربها به ويحملها على التعالي والتكبر عليه، أو تأخذ كلامه هذا على غير وجهه لأن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده.
 
ولابد أن يعطيها الثقة في نفسها، وأن يحملها على الثقة فيه أيضاً، فلا يكذب عليها بحجة أن الكذب جائز على المرأة؛ فإن الكذب على المرأة معناه في الحديث الذي رواه مسلم، هو المداراة والتعريض الذي يحتمل أمرين، حتى لا يبدو أمامها أنه كذاب.
 
ومن عُرِفَ بالكذب لم يصدقه أحد.
 
ونص الحديث الذي رواه مسلم عَنْ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ– رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: "لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا.
وَلَمْ أَسْمَعه يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْحَرْبُ وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا".
 
والدليل على أن المراد بالكذب على المرأة هو مجاملتها ومداراتها بالتعريض ونحوه من الكلام الذي يريح النفس ولا يوصف بأنه كذب – ما رواه ابن عبد البر في التمهيد من رواية صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار مرسلاً، أن رجلاً قال للنبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – : أكذب على أهلي؟ يعني هل يجوز لي أن أكذب على امرأتي.
قال عليه الصلاة والسلام: "لا خير في الكذب".
فقال: أعدها وأقول لها.
قال عليه الصلاة والسلام: "لا جناح عليك".
 
وقد كتبت في الكذب على المرأة كلاماً كثيراً فراجعه في كتابي "عدة الخطيب والواعظ".
وسيأتي في الوصية التالية بحث عن طبيعة المرأة وأخلاقها إن شاء الله تعالى.
 
والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
*     *     *

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day