1. المقالات
  2. النصر المؤزر للنبى الموقر
  3. مقدمات معنى الايمان

مقدمات معنى الايمان

الكاتب : ماجد بن سليمان الرسي
838 2020/04/30 2020/06/24

الفصل الأول: مباحث في الإيمان بالنبي

المبحث الأول: تعريف معنى الإيمان

تعريف معنى الإيمان لغة: الإيمان لغة يتضمن معنيين ؛ الأول هو التصديق كما في

قوله تعالى

﴿آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون﴾

، أي صدَّقوا بما أنزل إليـهم من ربـهم.

والمعنى الثاني هو (أَقَـرَّ له) ، وذلك إذا عدي باللام ،

كما في قوله تعالى عن إخوة يوسف لأبيهم

﴿وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين﴾

،

وقوله

﴿فآمن له لوط﴾

، أي: أَقَـرَّ له.

تعريف معنى الإيمان شرعا: تنوعت عبارات السلف الصالح في تعريف الإيمان ، ولا مشاحة في الاصطلاح ، وحقيقة كلامهم متفقة على أن الإيمان هو قولٌ باللسان ، واعتقادٌ بالجنان  ، وعملٌ بالأركان  ، يزيد بالطاعة ، وينقُص بالعصيان.

قال ابن تيمية رحمه الله في تقرير أن الإيمان لغة هو الإقرار وبيان معنى الإقرار:

إن الإيمان هو الإقرار لا مجرد التصديق ، والإقرار ضُـمِّن قول القلب الذي هو التصديق ، وعمل القلب الذي هو الانقياد.

فعلى هذا فالإيمان في الشرع يتضمن التصديق والانقياد ، فلا يصح حصره بالتصديق فقط ، إذ لابد من الإقرار والطمأنينة ، فقد صدَّق أبو طالب عم النبي بنبوة ابن أخيه ، ولكن لم يُـقِر له بالإسلام ويتبعه ويطمأن قلبه بالإيمان به ، واستمر على ذلك إلى أن مات ، وفي هذا أنزل الله قوله تعالى إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.

وهكذا بعض الكفار اليوم يؤمنون بنبوة محمد ، ويسمونه بذلك ، أي بالنبي محمد ، وهم باقون على دين قومهم ، لم يُقِروا بالشهادتين ويعملوا بمقتضاها.

وكذلك النفر من اليهود ، الذين جاءوا إلى النبي وسألوه عن أشياء فأخبرهم ، فقالوا نشهد أنك نبي ، ولم يقروا بالإيمان به ولم يتبعوه.

بل إن اليهود الذين كانوا في عهد النبي كانوا يعرفون أنه نبي كما يعرفون أبنائهم ، كما حكى الله عنهم ذلك في آيات من سورة البقرة ، ومع هذا حكم الله عليهم بالكفر لأنهم لم يتبعوه وينقادوا لشريعته.

وهناك من يقول إنه لا يضر اختلاف الملل إذا كان المعبود واحدا ، ويرى أن النجاة في الآخرة تحصل ـبمتابعة الرسول وبغير متابعته ، كما هو قول الفلاسفة الصابئة ، وهو دين التتار ومن دخل معهم ، مع كونهم صدقوا الرسول وأطاعوه في أمور أتى بـها ، وهذا مذهب خبيث باطل ، إذ لا نجاة للعبد يوم القيامة إلا بعبادة الله وحده ، ومتابعة الرسول وحده ، والكفر بما يـعبد من دونه.

وفي قصة هِرقل عظيم الروم عبرة ، فقد سأل عن النبي ، فلما علِم أنه نبي وتيقن من خروجه وظهور أمره ؛ رأى أن يبايعه على الإيمان ، ونادى عظماء قومه ليبايعوه ، وقال لهم: يا معشر الروم ، هل لكم في الفلاح والرُّشد ، وأن يثبت ملككم ، فـتُبايعوا لهذا النبي؟

فأبوا ، فخاف نكولهم عن طاعته ، فنكص على عقبيه وقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شِدتكم على دينكم!

وكان مما قاله هرقل لأبي سفيان: إن يكن ما تقول فيه حقا فإنه نبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظنه منكم  ، ولو أني أعلم أني أخلُص  إليه لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي.

والشاهد من القصة أن عِلم هِرقل بأن محمدا نبي لم يدخله في الإيمان لأنه لم ينقد له ، لكونه استحب الحياة الدنيا على الآخرة ، وخشِي ذهاب ملكه ونكول قومه عن طاعته ، نعوذ بالله من الخذلان.

ثم إنه لو أن الإيمان هو التصديق فقط بدون انقياد لكان إبليس مؤمنا ، لأنه يعلم الحـق من الباطل ، ولكنه لم ينقد للحق استكبارا عليه.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day