البحث
الحق السادس : تعظيم سنته ﷺ
تعظيم سنة النبي ﷺ تقتضي العمل بشريعته ، والعمل بسنته ، والأخذ بأوامره ظاهرًا وباطنًا ، والتمسك بها والحرص عليها ، وتحكيم ما جاء به في الأمور كلها ، والرضا بحكمه والتسليم له ، والسعي في إظهار دينه ، ونصر ما جاء به ، وتبليغ رسالته للناس ، ودعوتهم للإيمان به ، والذب عن سنته والدفاع عنها وتعلُّمها وتعليمها وخدمتها ، والموالاة والمعادة والحب والبغض لأجله ، وجهاد من خالفه ، واجتناب عما نهى عنه وزجر ، والبعد عن معصيته ومخالفته والحذر من ذلك ، والتوبة والاستغفار عما وقع فيه الإنسان من الزلل والتقصير.
ومن دلائل تعظيم سنته ﷺ توقير حديثه ، والتأدب عند سماعه ، والوقار عند دراسته ، وقد كان لسلف الأمة وعلمائها عموماً والـمحدثين خصوصاً منهم إسهام قوي في إجلال حديث رسول الله ﷺ ، وتوقير مجلس الحديث ، والتحفز لاستباق العمل به ، تعظيماً له ، وقد كان محمد بن سيرين يتحدث فيضحك ، فإذا جاء الحديث خَشع[1].
وتعظيم سنته ﷺ يتضمن إجلال العاملين بها وتقديرهم وتوقيرهم ، وخاصة العلماء منهم ، فهُم الشامة في جبين الأمة ، وهم النور الذي يمشي بين الناس ، كما هم الأمنة والأمناء على ميراث النبوة.
ولهذا قال سفيان بن عيينة : ما من أحد يطلب الحديث إلا وفي وجهه نضرة
لقول النبي ﷺ :
نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه
[2].
ورواه الدينوري عن الفضيل بن عياض رحمه الله[3].
وقال الشافعي رحمه الله : إذا رأيت رجلاً من أصحاب الحديث كأني رأيت رجلاً من أصحاب النبي ﷺ[4].
وقال أحمد بن حنبل : من عظّم أصحاب الحديث تعظَّم في عين رسول الله ، ومن حقرهم سقط من عين رسول الله ، لأن أصحاب الحديث أحبار[5] رسول الله ﷺ[6] .
المراجع
- ذكره اخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» ، (985) ، باب خشوعه في حال الرواية ، بسنده إلى حسين المعلم عن ابن سيرين وذكره.
- رواه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» ، باب قوله ﷺ : ليبلغ الشاهد منكم الغائب.
- «المجالسة وجواهر العلم» ، الجزء الأول ، أثر رقم 114 ، الناشر: دار ابن حزم – بيروت.
- رواه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (9/116).
- الـحَــبر هو العالم. انظر «النهاية».
- روى ذلك ابن الجوزي عنه في كتابه «مناقب الإمام أحمد بن حنبل» ، الباب الثاني والعشرون في ذكر تعظيمه لأهل السنة والنقل ، ص 249 .