1. المقالات
  2. السِّيرَةُ النَّبويَّةُ (تَربِيةُ أمَّةٍ وَبنَاءُ دَوْلَةٍ)
  3. تفصيل البناء الخلقي

تفصيل البناء الخلقي

الكاتب : صالح أحمد الشامي

وإذا ما انتقلنا إلى التفصيل وجدنا أنفسنا أمام آيات وآيات ونكتفي بإيراد بعضها دون تصنيف من حيث الموضوع، لأن غايتنا - هنا - بيان التركيز في القرآن المكي على البناء الخلقي، قال تعالى:

{قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خَٰشِعُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَٰفِظُونَ إِلَّا عَلَىٰٓ أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَٰنَٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ} (1).

{إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلْإِحْسَٰنِ وَإِيتَآئِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ وَٱلْبَغْىِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمْ} (2).

{يَٰبُنَىَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلْأُمُورِ  وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِى ٱلْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍۢ فَخُورٍۢ وَٱقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلْأَصْوَٰتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ} (3).

{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلْيُسْرَىٰ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ  فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلْعُسْرَىٰ} (4).

ويؤكد القرآن المكي على بر الوالدين ومعاملتهما المعاملة الحسنة، وقد ورد ذلك في ثلاث سور: الإسراء العنكبوت ولقمان (5).

وتتحدث سورة الفرقان عن عباد الرحمن فتقول:

{وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَٰهِلُونَ قَالُوا سَلَٰمًا}

. {وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامً وَٱلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}. {وَٱلَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِٱللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (1).

وفي ميدان المحظورات يلفت القرآن المكي النظر إلى جوانب كثيرة نذكر منها قوله تعالى:

{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ ٱلْفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلْإِثْمَ وَٱلْبَغْىَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ} (2)

{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِۦ شَيْـًٔا ۖ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوٓا أَوْلَٰدَكُم مِّنْ إِمْلَٰقٍۢ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا ٱلْفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُۥ ۖ وَأَوْفُوا ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (3).

{وَلَا تَقْرَبُوا ٱلزِّنَىٰٓ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلًا} (4).

{فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ} (1).

وهكذا سارت هذه التربية مزيلة آثار الجاهلية بانية معالم الحق والخير في النفس المسلمة. سارت هادئة راضية، يندفع المؤمنون عن رغبة وطواعية لتطبيق التوجيهات القرآنية التي تتابع نزول الوحي بها. .

إن المؤمن يومئذ كان حريصاً كل الحرص على المسارعة تنفيذ تلك التوجيهات الإلهية رغبة وحباً، يدفعه إلى ذلك إيمانه، ولذا لم يكن بحاجة إلى لغة التهديد والوعيد في حال عدم التنفيذ، تلك اللغة التي نراها واضحة في حديث القرآن الكريم عن بني إسرائيل.

وإذا تدبرنا الآيات التي سبق ذكرها نلمح فيها جميعاً تلك الظاهرة الواضحة التي تبدو من خلالها روح الحنان والعطف والتوجيه الندي. . حتى إن فعل "الأمر" يؤتي به بالأسلوب الذي يذهب منه قسوة الأمر ويحوله إلى توجيه حبيب إلى النفس. .

انظر معي كيف كانت التوجيهات تلقى إلى القوم: 

{قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ. .} (2).

{قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ. .} (3).

{إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ. .} (4).

{وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ هَوْنًا. .} (5).

{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ ٱلْفَوَٰحِشَ. .} (6).{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ. .} (1).

وهكذا عدل الأسلوب القرآني في غالب الأحيان من أسلوب الإنشاء إلى أسلوب الإخبار ليكون ذلك أدعى للتقبل، فالمخاطب متجاوب ومنفذ وراغب. .

المراجع

  1. سورة المؤمنون: الآيات 1-8. 
  2. سورة النحل: الآيتان 90- 91. 
  3. سورة لقمان: الآيات 17- 19. 
  4. سورة الليل: الآيات 5- 10. 
  5. الآية 24 من سورة الإسراء، والآية 8 من سورة العنكبوت، والآية 14 من سورة لقمان.
  6. سورة الأعراف: الآية 33.
  7. سورة الفرقان: الآيات 63، 67- 68، 72.
  8. سورة الأنعام: الآيتان 151 - 152.
  9. سورة الإسراء: الآية 32.
  10. 4-7سورة الماعون: الآيات-.
  11. 1سورة المؤمنون: الآيه.
  12. 14سورة الأعلى: الآية 
  13. سورة النحل: الآيه90.
  14. 63سورة الفرقان: الآيه.
  15. 33سورة الأعراف: الآية.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day