1. المقالات
  2. السِّيرَةُ النَّبويَّةُ (تَربِيةُ أمَّةٍ وَبنَاءُ دَوْلَةٍ)
  3. عقد الصلح

عقد الصلح

الكاتب : صالح أجمد الشامي

عقد الصلح:

حط صلى الله عليه وسلم رحاله قريباً من مكة، وكانت بينه وبين قريش مفاوضات انتهت إلى عقد الصلح بالشروط التالية:

1- وضع الحرب بين المسلمين وقريش عشر سنين، يأمن فيهن الناس، ويكف بعضهم عن بعض.

2- من أتى محمد من قريش بغير إذن وليه رده عليهم، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يردوه عليه.

3- من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل، فدخلت خزاعة في عهد النبي، ودخلت بنو بكر في عقد قريش.

4- أن يرجع الرسول وأصحابه من غير عمرة هذا العام، فإذا كان العام القابل خرج عنها المشركون، ودخلها المسلمون، ويقيمون بها ثلاثة أيام، وليس معهم من السلاح إلا السيوف في قربها.


وعلى الرغم من عدم رضى كثير من الصحابة عن هذه الشروط لما فيها من إجحاف بحق المسلمين، وخاصة ما جاء في الشرط الثاني، الذي كان أبو جندل أو تطبيق له (1). وكان أبو بصير التطبيق الثاني له (2)، نقول على الرغم من ذلك فقد كانت نتائج ذات آثار كبرى مما جعل هذا العقد فتحاً كما أشار إليه القرآن الكريم في سورة الفتح. ومن هذه النتائج:

1- اعتراف قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالمسلمين كقوة لها وجودها وهي في مستوى الند لها (3).

2- فتح الباب أمام القبائل أن تنضوى تحت أحد الجانبين إذا أرادت.

3- هيبة القوة الإسلامية وخاصة من قبل المنافقين والأعراب الذين كانوا يظنون أن هذه القوة لن تعود ثانية إلى المدينة، الأمر الذي كان له الأثر الكبير في انسياح الدعوة بعد ذلك.

4- والأهم من هذا كله، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حقق بهذا الصلح الغاية التي كان يصبو إليها، وهي عزل قريش جانباً، وأن يخلى بينه وبين الناس، فقد كانت قريش عقبة كأداء بينه وبين الناس، مما كان يعيق حركة الدعوة بل ربما عطل حركتها في بعض الأحيان. ووضع قريش جانباً - ولو إلى حين - يتيح للدعوة أن تأخذ بزمام المبادرة وتتحرك الحركة الإيجابية الفعالة. وقد عبر صلى الله عليه وسلم عن رغبته تلك أثناء الطريق. . حينما أخبر أن قريشاً خرجت تريد منعه من دخول مكة. .

فقال عند ذلك: "ماذا عليهم لو خلو بيني وبين سائر العرب. ." (4).


هذه هي الغاية التي يهدف إليها صلى الله عليه وسلم، فإن قريشاً كانت حاجزاً بينه وبين سائر العرب. فإقامة الصلح معها يعني زوال هذا الحاجز.

وقد كان هذه من حكمته صلى الله عليه وسلم وتخطيطه البعيد المدى الذي غاب عن الصحابة رضي الله عنهم باستثناء أبي بكر رضي الله عنه. . كما كان واضحاً من مسلكهم عند إبرام العقد. .

المراجع

  1. جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو إلى المسلمين يرسف في الحديد أثناء كتابة العقد وقد حاول صلى الله عليه وسلم أن يستثنيه ولكن أباه الذي كان مفوض قريش رفض ذلك فرد إلى المشركين.
  2. جاء هارباً من مكة إلى المدينة فأرسلت قريش بطلبه، فسلمه صلى الله عليه وسلم إليهم، ولكنه قر ممن استلمه وذهب إلى ساحل البحر. . وشكل جماعة ضيقت على قريش الأمر الذي دعاهم إلى التنازل عن شرطهم.
  3. سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لمحمد عزت دروزة 2/ 352.
  4. سيرة ابن هشام 2/ 309. وأصله في البخاري، في قوله صلى الله عليه وسلم: " فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ" رقم الحديث 2731.


المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day