البحث
وكان ﷺ يبشرهم بغفران ما مضى من ذنوبهم حال الكفر، وأن الإسلام يهدم ما كان قلبه
عن حبيب بن أبي أوس قال: حدثني عمرو بن العاص من فيه قال
لما انصرفنا من الأحزان عن الخندق، جمعت رجالا من قريش كانوا يرون مكاني، ويسمعون مني فقلت لهم: تعلمون والله إني لأرى أمر محمد يعلو الأمور علوا كبيرا منكرآ، وإني قد رأيت رأيا فما ترون فيه؟ قالوا: وما رأيت؟ قال: رأيت أن نلحق بالنجاشي، فنكون عنده، فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد وإن ظهر قومنا، فنحن من قد عرف، فلن يأتينا منهم إلا خير فقالوا: إن هذا الرأي فقلت لهم: فاجمعوا له ما نهدي له، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم فجمعنا له أدما كثيرا، فخرجنا حتى قدمنا عليه فوالله إنا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمري؛ وكان رسول الله ﷺ قد بعثه إليه في شأن جعفر واصحابه قال: فدخل عليه ثم خرج من عنده فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أمية الضمري، لو قد دخلت على النجاشي، فسالته إياه، فأعطانيه، فضربت عنقه، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد قرأت عنها حين قتلت رسول محمد فدخلت عليه، فسجدت له كما كنت أصنع فقال: مرحبا بصديقي، أهديت لي من بلادك شيئا؟ قلت: نعم أيها الملك، قد أهديت لك أدما كثيرا ثم قدمته إليه، فأعجبه، واشتهاه ثم قلت له: أيها الملك إني قد رأيت رجلا خرج من عندك، وهو رسول رجل عدو لنا، فأعطنيه لأقتله؛ فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا فغضب، ثم مد بده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أن قد كسره؛ فلو انشقت لي الأرض؛ لخلت فيها فرقا منه ثم قلت: أيها الملك، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه فقال له: أتسأني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله؟ قلت: أيها الملك أكذاك هو؟ فقال: ويحك يا عمرو أطعني و اتبعه؛ فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده قلت: فبايعني له على الإسلام قال: نعم فبسط يده وبايعته على الإسلام ثم خرجت إلى أصحابي؛ وقد حال رأيي عما كان عليه، وكتمت أصحابي إسلامي ثم خرجت عاامدا لرسول الله ﷺ لأسلم فلقيتخالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة فقلت: أين يا أبا سليمان؟ قال: والله لقد استقام المنسم وأن الرجل لنبي، أذهب والله أسلم، فحتى متى؟ قلت: والله ما جئت إلا لأسلم فقمنا على رسول الله ﷺ فقدم خالد بن الوليد، فأسلم، وبايع ثم دنوت، فبسط رسول الله ﷺ يده إلي فقلت: يا رسول الله إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي فقال رسول الله ﷺ:( يا عمرو بايع، فإن الإسلام يجب ما كان قبله،وإن الهجرة تجب ما كان قبلها) فبايعته، ثم انصرفت قال عمرو: فوالله إن كنت لأشد الناس حياء من رسول الله ﷺ فما ملأت عيني من رسول الله ﷺ، ولا راجعته بما أريد حتى لحق عز وجل حياء منه؟
المراجع
- الجلد المدبوغ
- وهو الطريق، والمعنى: لقد اتضح الأمر ولم يعد فيه لبس وشك
- والمراد أنه يذهب أثر المعاصي التي قارفها حال كفره وعصيان، وما يترتب عليهما من حقوق الله أما حق الآدمي فلا يسقط إجماعا
- رواه أحمد بتهامة[17323] وقال الألباني في الإرواء[1280]:( إسناده حسن أو قريب منه)