البحث
شروط الشهادة
المبحث الثامن: بيان شروط شهادة أن محمدا رسول الله
لما كانت شهادة «لا إلـٰه إلا الله ، محمدا رسول الله» هي لُـــــبُّ الدين وأساس الملة ؛ وكان تحقيقها شرطا لدخول الجنة والنجاة من النار ؛ فإنه ينبغي لمن كان قصده الله والدار الآخرة أن يعلم شروط تلك الشهادة ، ومن ثم يعمل بها ويحققها.
وقد أشار الله تعالى إلى أن القيام بشروط كلمة التوحيد «لا إلـٰه إلا الله ، محمدا رسول الله» من أوصاف أهل الجنة ، وذلك في كتابه العزيز في قوله )والذين هم بشهاداتهم قائمون( في سورة المعارج ، وهذه الآية وإن كان المقصود بها عـموم الشهادات ؛ فإن شهادة «لا إلـٰه إلا الله ، وأن محمدا رسول الله» هي أولى الشهادات بالتحقيق ، والذي يعنينا في هذا البحث هو الشطر الثاني من تلك الشهادة ، وهو شهادة «أن محمدا رسول الله».
وشهادة أن محمدا رسول الله لها شروط ، لا ينتفع قائلها إلا بتحقيقها [1]، وهي:
الأول: العلم بمعناها ، وهو الإيمان بأنه رسول من عند الله حقا.
الثاني: استيقان القلب بها ، وضده الارتياب ،
ودليله قوله تعالى
)إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا(
[2].
الثالث: الانقياد لها ظاهرا وباطنا ، وذلك بالقيام بحقوق النبي ﷺ [3]،
ودليل الانقياد قوله تعالى
)ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى(
[4].
رابعا: القبول لها ، فلا يرُد شيئا من لوازم ومقتضيات شهادة أن محمدا رسول الله.
خامسا: الإخلاص فيها ، بأن يقصد بشهادة أن محمدا رسول الله التقرب إلى الله وحده ، وضده الشرك فيها ، بأن يكون قصده من شهادة أن محمدا رسول الله شيئا من حظوظ الدنيا كما يفعل المنافقون.
سادسا: الصدق فيها وضده الكذب ،
والدليل قوله تعالى
)ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين(
، وقال النبي ﷺ :
ما من أحد يشهد أن لا إلـٰه إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، صدقا من قلبه ، إلا حرمه الله على النار
[5].
سابعا: المحبة لها ولأهلها ، والمعاداة لمن أبغضها.
ثامنا: الكفر بما يناقضها ، ونواقض شهادة أن محمدا رسول الله كثيرة ، أعظمها عبادة غير الله ، والواجب الكفر بذلك ، وإفراد العبادة لله وحده ،
كما قال تعالى
)فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها(
[6].
المراجع
- انظر «أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة» ، تأليف الشيخ حافظ الحكمي ، ص 39 ، الناشر: دار المؤيد - الرياض.
- سورة الحجرات: 15 .
- سيأتي بيان تلك الحقوق قريبا إن شاء الله.
- سورة لقمان: 22 .
- رواه البخاري (128) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه.
- سورة البقرة: الآية 256 .