1. المقالات
  2. النصر المؤزر للنبى الموقر
  3. الدلائل المئة على عظم قدر النبى محمد ﷺ الجزء الثانى

الدلائل المئة على عظم قدر النبى محمد ﷺ الجزء الثانى

الكاتب : ماجد بن سليمان الرسي
1226 2020/05/14 2020/06/24

23. ومن دلائل عِظم قدره وجوب محبته على الناس أجمعين ، وأنه لا يتم إيمان المرء حتى يكون النبي ﷺ أحب إليه من نفسه وماله والناس أجمعين ،

كما قال ﷺ :

لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين

[1].


وعن عبد الله بن هشام قال:

كنا مع النبي ﷺ وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر: يا رسول الله ، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي. فقال النبي ﷺ : لا والذي نفسي بيده ، حتى أكون أحب إليك من نفسك. فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي.  فقال النبي ﷺ : الآن يا عمر

[2].


وعن أنس رضي الله عنه قال:

قال رسول الله ﷺ : ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُلقى في النار

[3].



24. ومن دلائل عِـظم قدره ﷺ وجوب التأدب معه بقدرٍ زائدٍ عن القدر الواجب مع غيره ، فمن ذلك أن الشريعة جاءت بتحريم نداءه باسمه مجردا كقول (يا محمد) ، وقد جاء هذا النهي في 

قوله تعالى

﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً﴾

[4].




بل الواجب هو نداؤه بصيغة النبوة والرسالة ، كقول: يا نبي الله ، يا رسول الله. كذلك فقد جاءت الشريعة بتحريم التنازع عنده ، توقيرا له ، فإنه لما اختلف عنده بعض الصحابة وكثر اللغط ؛ قال: قوموا عني ، ولا ينبغي عندي التنازع[5].

كذلك فقد جاءت الشريعة بتحريم رفع الصوت فوق صوته ، وبيان أن ذلك موجب لحبوط العمل ،

كما قال تعالى

)يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون(. 



25. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن الله قرن حقه بحقه في ثلاث مواطن: في الإيمان به ، وفي طاعته ، وفي محبته ، فأما الإيمان به فقد

قال

﴿آمنوا بالله ورسوله﴾ ،

[6]



وقوله

﴿وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون﴾

[7]




، وقوله

﴿قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتيكم الله بأمره﴾.

[8]



كذلك فقد قرن الله النهي عن ارتكاب معصيته بالنهي عن ارتكاب معصية النبي ﷺ

فقال

)ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين(

[9].



26. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أنّ الله رفع ذِكره رَفعا عظيما

كما قال تعالى

﴿ورفعنا لك ذكرك﴾ ،

[10]



فجعل اسمه جزءا من شهادة التوحيد ، «أشهد أن لا إلـٰه إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله» ، ولا يذكر الله تعالى إلا وذكر معه النبي ﷺ ، في الأذان والإقامة والخطب وفي الصلاة – في التشهد والتحيات - وكثير من الأذكار والأدعية ، فذكر النبي ﷺ يدوي في كل مكان من الأرض ، وليس بشر في الدنيا يُذكر ويُـثنى عليه كما يذكر النبي ﷺ ويُثنى عليه. فذكره ﷺ دائم لا ينقطع ، فمنارات المساجد تهتف بذكره كل يوم خمس مرات في نداء الأذان والإقامة ، كما قال حسان بن ثابت رضي الله عنه: ألم تر أن الله أخلد ذِكره إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

وشقَّ له من اسمه ليجله فذو العرش محمودٌ وهذا محمد 27. 

ومن دلائل عِظم قدر النبي ﷺ أن الله زكى عَقْلَهُ فقال ]مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى[. 28.

 ومن دلائل عِظم قدر النبي ﷺ أن الله زَكَّى لسانَه، فقال ]وما يَنْطِقُ عن الهوى[. 29.

 ومن دلائل عِظم قدر النبي ﷺ أن الله زَكَّى فُؤادَهُ فقال ]ما كَذَبَ الفُؤادُ ما رأى[. 30.

 ومن دلائل عِظم قدر النبي ﷺ أن الله زَكَّى بَصَرَهُ، فقال ]ما زاغَ البَصَرُ وما طَغَى[. 31.

 ومن دلائل عِظم قدر النبي ﷺ أن الله زَكَّى أُمَّتَهُ، فقال ]كُنْتَم خَيْرَ أمةٍ أُخْرِجَت للنَّاس[. 32. 

ومن دلائل عِظم قدر النبي ﷺ أن الله زَكَّى جَليسَهُ جبريل، فقال ]عَلَّمَهُ شَديدُ القُوى[، وقال ]نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المرسلين[. 33. 

34. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن الله تعالى أَمَـــــرَ بالصلاة والسلام عليه ﷺ في عموم الأحوال ، وفي أحوال خاصة كالتشهد في الصلاة وفي يوم الجمعة وفي الخطبة وفي صلاة الجنازة وبعد الآذان وعند الدعاء ، وغيرها من المواطن ، وترتيب الأجر العظيم على ذلك ، وهذا تنبيه على شريف منزلته وعظم قدره ، إذْ أن الله صلى عليه ، وأمر الــــملائكة بالصلاة والسلام عليه ، ثم أمر تعالى المؤمنين بالصلاة والسلام عليه ، فاجتمع أهل العالم العلوي والسفلي بالصلاة والتسليم عليه. ومعنى الصلاة على النبي هي الثناء عليه ، وعلى هذا فإذا قال الداعي: اللهم صَلِّ على محمد، أي اللهم اثنِ عليه وزده رفعة وقدرا. قال أبو العالية: صلاة الله ؛ ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة ؛ الدعاء[11].  . 

ومن دلائل عِظم قدره ﷺ أن الصلاة عليه من أسباب إجابة الدعاء ، والدليل على ذلك حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع رسول الله ﷺ رجلا يدعو في صلاةٍ لم يمجد الله 

. ولم يصل على النبي ﷺ ، فقال رسول الله ﷺ : (عَجِلت أيها المصلي) ، ثم علمهم رسول الله ﷺ .

وسمع رسول الله ﷺ رجلاً يصلي [12]، فمجد الله وحمده وصلى على النبي ﷺ ، فقال رسول الله ﷺ : ادعُ تُـجب ، وسلْ تعطَ

[13].



وفي رواية:

أن النبي ﷺ قال للرجل: عَجِل هذا ، ثم دعاه ، فقال له ولغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي ﷺ ، ثم ليدع بعد بما شاء

[14].



وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:

إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض ، لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك ﷺ

[15].



35. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن الله أقسم بحياته ،

فقال تعالى

}لعَمرُك إنهم لفي سكرتهم يعمهون{ ،

[16]



والإقسام بـعُـمرِ النبي ﷺ – أي حياته - يدل على شرفه عند المقسِم به ، ولم يثبت هذا لغيره ﷺ . روى ابن جرير رحمه الله في تفسير هذه الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم على الله من محمد ﷺ ، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره ، قال الله تعالى ذكره )لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُون(. انتهى. وقوله )لفي سكرتهم(: أي في ضلالتهم ، )يعمهون(: أي يلعبون.

وقال ابن كثير رحـمه الله في تفسير الآية: أقسم تعالى بـحياة نبيه ، صلوات الله وسلامه عليه ، وفي هذا تشريف عظيم ، ومقام رفيع ، وجاه عريض. انتهى. 36. 

ومن دلائل عِظم قدره ﷺ أن الله أقسم بأن يرضيه كما في سورة الضحى ،

حيث قال

)والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى * وللآخرة خير لك من الأولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى(

سورة الضحى



، أي: ولسوف يعطيك ربك مِن أنواع الإنعام في الآخرة، فترضى بذلك ، وهذا فيه دلالة واضحة على عظيم محبة الله لنبيه محمدا ﷺ . 37.

 ومن دلائل عِـظم قدره ﷺ أن الله وقّـره في ندائه ، فلم يخاطبه باسمه قط ، بل ناداه بأشرف أوصـــافه ، وهو النبوة والرسالة ، فقال }يا أيها النبي { و }يا أيها الرسول{ ، وهـذه الخصِيصة لــم تثبت لغيره من إخوانه الأنبياء ، بل ثبت أن الله ناداهم بأسمائهم مجردة ، كما في قوله تعالى }يا آدم اسكن{ ، }يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك{ ، }يا موســى إني أنا الله{ ، }يا نوح اهبط بسـلام{ ، }يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض{ ، }يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا{ ، }يا لوط إنا رسل ربك{ ، )يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى( ، )يا يحيى خذ الكتاب بقوة(. وهذه الخصيصة للنبي ﷺ في عدم خطاب الله تعالى له في كتابه الكريم باسمه دون إخوانه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تدل على عظيم قدره ، وتدل على شرفه عليهم. وهنا لفتة لطيفة وهي أن الله تعالى لما أخبر عن النبي

فقال

﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم﴾

[17]



؛ قال بعدها

﴿ولكن رسول الله وخاتم النبيين﴾.



ويلاحظ هنا أيضا أن الآية ليس فيها نداء للنبي ﷺ ، وإنما هو خبرٌ مجرد من النداء. 38.

 ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن الله تولى تبرئته بنفسه مما نسبه إليه المشركون من السَّفه والجنون والضلال والسحر والكهانة والجنون وصناعة الشعر ، في حين أن من سبقه من الأنبياء 

.تولوا الدفاععن أنفسهم فيما وُجِّـهَ إليهم من تهم بأنفسهم

، قال الله تعالى عن نوح

)يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين(

[18].


وقال عن هود عليه السلام

)يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين(

[19].


ولما وصف فرعون وقومه النبي موسى عليه الصلاة والسلام بالسحر رد عليهم فقال

)أتقولون للحق لما جاءكم أسحرٌ هذا ولا يفلح الساحرون(

[20].



أما النبي محمد ﷺ فتولى الله سبحانه وتعالى الدفاع عنه بنفسه ما نسبه إليه الكفار من التهم ،

قال الله تعالى

)ما أنت بنعمة ربك بمجنون(


، أي بسبب نعمة ربك عليك فإنك لست بمجنون كما يزعم الكفار.

وقال تعالى

)وما هو بقول شاعر قليلا ما يؤمنون * ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين(.


والآيات في دفاع الله عن نبيه كثيرة

ومن ذلك قوله تعالى

)فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذلك ظَهِير(،


ومعنى الآية الكريمة ما قاله الشيخ عبد الرحمـٰن بن سعدي رحمه الله: أي: الجميع أعوان للرسول، مُظاهرون، ومن كان هؤلاء أعوانه فهو المنصور، وغيره ممن يناوئه مخذول، وفي هذا أكبر فضيلة وشرف لسيد المرسلين، حيث جعل الباري نفسه الكريمة وخواص خلقه أعوانًا لهذا الرسول الكريم. انتهى كلامه.  39. 

ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن السـماء حُرِست من استراق الشياطين للسمع قُـــــبَـــيل بعثته ، لئلا يختلط الوحي بكذب الشياطين ، وهذا حدث عظيم ، وقد كانت الشياطين قبل البعثة يسترقون السمع من السماء ، يتسمعون ماذا قال ربنا ، ثم يزيدون عليها كذبات ويلقونها على الكهان ، ثم يلقيها الكـهان على الناس بعدما يزيدون فيها كذِبات أيضا ، مُدَّعين بهذا معرفة المغيبات ،

قال تعالى حكاية عن الجن

)وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا(.


وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا:

إن الملائكة تنـزل في العنان ، وهو السحاب ، فتذكر الأمر قضي في السماء ، فتسترق الشياطين السمع فتسمعه ، فتوحيه إلى الكهان ، فيكذبون معها مائة كِذبة من عند أنفسهم

[21].



40. ومن دلائل عِظم قدره ﷺ ما ذكره ابن كثير رحمه الله عن غير واحد من علماء السيرة أن الأصنام تساقطت لمولده الكريم ، وأن نار فارس التي كانوا يعبدونها خمدت في ليلة مولده ، ولم تَـخمِد قبل ذلك بألف عام ، وأنه سقط من شُرُفات قصر كسرى أربع عشرة شُرفة ، مؤذِنة بزوال دولتهم بعد هلاك أربع عشر من ملوكهم في أقصر مدة ، وكان لهم في الـمُـلك قريب من ثلاثة آلاف سنة[22]. 41. 

ومن دلائل عظم قدره ﷺ حادثة شق صدره ، واستخراج حظ الشيطان منه ، وقد حصلت للنبي ﷺ مرتين ، الأولى وهو غـــــــــــلام قبل البعــثة ، والثانية قبــيل العــروج إلى السماء[23]. قال السُّهيلي رحمه الله: والقول عندي في الرسول عليه الصلاة والسلام أنه متطهِّر ومُطهَّر، أما متطهِّر[24] فلأنه بشر آدمي يغتسل من الجنابة ويتوضأ من الحدث. وأما مُطهَّر فلأنه غُسِل بطنه وشُقَّ عن قلبه، ومُلِىء حكمة وإيمانا. فهو مُطهَّر ومتطهِّر. انتهى كلامه رحمه الله. 42.

 ومن دلائل عظم قدره ﷺ ما اختصه الله به من حادثة الإسراء والمعراج ، وتكليمه فوق السماوات ،

قال تعالى

)سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي  باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير( ،



وقد جاء ذكر حادثة الإسراء والمعراج في حديث طويل رواه البخاري [25] ومسلم[26]. 43. 

ومن دلائل عظم قدره ﷺ أنه أمَّ الأنبياء في الصلاة ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس قبل عروجه إلى السماء ، قال عليه الصلاة والسلام: فحانت الصلاة فأمَــمتُـــهم[27].

44. ومن دلائل عظمة قدر النبي ﷺ أنه في حادثة الإسراء والمعراج رحَّب به من لقيه من الملائكة عند باب كل سماء وفتحوا له ليدخل منها، كما رحَّب به كل نبي لقاه في تلك السماء

؛ آدم في السماء الأولى ثم يحيى وعيسى ثم يوسف ثم إدريس ثم هارون ثم موسى ثم إبراهيم في السماء السابعة، فقد جاء في الحديث الذي رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال في حديث الإسراء الطويل: فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟  قَال: جِبْرِيل. قِيل: وَمَنْ مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قِيل: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ. قِيل: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفَتَحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ [28]فَإِذَا فِيهَا آدَمُ فَقَال: (هَذَا أَبُوكَ آدَم فَسَلِّمْ عَلَيْهِ)، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِح. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيل: مَنْ هَذَا؟  قَال: جِبْرِيل. قِيل: وَمَنْ مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قِيل: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ. قِيل: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفَتَحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ، قَال: (هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا)، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ثُمَّ قَالَا: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِح. ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟  قَال: جِبْرِيل. قِيل: وَمَنْ مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قِيل: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ. قِيل: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُف، قَال: (هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْه)، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِح. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟  قَال: جِبْرِيل. قِيل: وَمَنْ مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قِيل: أوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ قِيل: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ قَال: (هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْه)، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِح. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟  قَال: جِبْرِيل. قِيل: وَمَنْ مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد ﷺ . قِيل: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ. قِيل: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُون، قَال: (هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْه)، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِح. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟  قَال: جِبْرِيل. قِيل: وَمَنْ مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قِيل: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ. قِيل: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى قَال: (هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ)، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَال: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِح. ... ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جبريلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟  قَال: جِبْرِيل. قِيل: وَمَنْ مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قِيل: وَقَدْ بُـعِث إِلَيْهِ؟ قَال: نَعَمْ. قِيل: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيم، قَال: (هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْه)، قَال: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَام، قَال: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصالح

[29].



فتبين من هذا الحديث العظيم ترحيب من في السماوات السبع من الأنبياء ومِمَّن اختارهم الله من الملائكة بالنبي ﷺ عند قدومه عليهم، وهذه خاصية اختصه الله بها، تدل على عِظم قدره عليه الصلاة والسلام. 45.

 ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن حصلت له الرفعة الحسية على إخوانه الأنبياء ، وذلك لما عُرِج به إلى السماء ، وصار في مستوى فوق المستوى الذي هم فيه ، وعلا فوق السماوات التي فيها الأنبياء ، وهذا قدر زائد على ما حصل لهم من الرفعة ، قال ابن كثير رحمه الله: ولما كانت ليلة الاسراء رُفِع من سماء إلى سماء حتى سلَّم على إدريس عليه السلام ، وهو في السماء الرابعة [30]، ثم جاوزه إلى الخامسة ثم إلى السادسة فسلَّم على موسى بها ، ثم جاوزه إلى السابعة فسلَّم على إبراهيم الخليل عند البيت المعمور ، ثم جاوز ذلك المقام ، فرُفِــــع لمستوى سمع فيه صريف الأقلام ، وجاء سدرة المنتهى ، ورأى الجنة والنار وغير ذلك من الآيات الكبرى ، وصلى بالأنبياء ، وشيَّعه من كُلِّ سماء مُقربوها ، وسلم عليه رضوان خازن الجنان ، ومالك خازن النار ، فهذا هو الشرف وهذه هي الرفعة، وهذا هو التكريم والتنويه والإشهار والتقديم والعلو والعظمة. صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر أنبياء الله أجمعين. انتهى كلامه رحمه الله[

المراجع

  1. رواه البخاري (15) ومسلم (44) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
  2. رواه البخاري (6632).
  3. رواه البخاري (16) ، ومسلم (43) ، واللفظ لمسلم.
  4. النور: 63 .
  5. رواه البخاري (114).
  6. سورة الحديد: 7 .
  7. سورة آل عمران: 132 .
  8. سورة النساء: 14 .
  9. سورة النساء: 14 .
  10. سورة الشرح: 4 .
  11. رواه البخاري تعليقا في صحيحه في تفسير سورة الأحزاب.
  12.  أي يدعو ، لأن الصلاة تأتي بمعنى الدعاء.
  13. رواه النسائي (1283) والترمذي (3476) وأبو داود (1331) ، عن فضالة بن عبيد ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن ، وصححه الألباني رحمه الله.
  14.  رواه الترمذي (3477) ، وابن خزيمة (1/351) ، والبيهقي (2/148) ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني رحمه الله.
  15. رواه الترمذي (486) ، وصححه الألباني رحمه الله.
  16. سورة الحجر ، الآية 72 .
  17. سورة الأحزاب: 40 .
  18. سورة الأعراف: 61 . 
  19. سورة الأعراف: 67 . 
  20. سورة يونس: 77 . 
  21. رواه البخاري (3210).
  22. «البداية والنهاية» (6/402) ، كتاب دلائل النبوة ، القول فيما أوتي إبراهيم عليه السلام.
  23. انظر «صحيح مسلم» (162) في ذكر الحادثة الأولى ، وانظر للحادثة الثانية ما رواه البخاري (349 ، 3207) عن مالك بن أبي صعصعة ، ومسلم (164) عن أبي ذر رضي الله عنه.
  24. «الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام» (٣/ ٢٧٣-٢٧٦)، تحقيق وتعليق: عبد الرحمـٰن الوكيل، الناشر: مكتبة ابن تيمية – القاهرة.
  25. برقم (3207).
  26. برقم (163).
  27. رواه مسلم (172).
  28. خلصتُ أي دخلتُ من باب تلك السماء.
  29. رواه البخاري (3887) ومسلم (164)، واللفظ للبخاري.
  30. صريف الأقلام أي صوت جريانها بما تكتبه من أقضية الله تعالى ووحيه ، وما يستنسخونه من اللوح المحفوظ. انظر «النهاية» لابن الأثير.
  31. «البداية والنهاية» ، كتاب دلائل النبوة ، القول فيما أُعطِي إدريس عليه السلام من الرفعة التي نوه الله بذكرها فقال )ورفعناه مكانا عليا( ، (6/419)، ط دار ابن كثير ، دمشق.


المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day