البحث
الدلائل المئة على عظم قدر النبى محمد ﷺ الجزء الثامن
79. ومن دلائل عظم قدرهﷺ تعظيم مدينته ، وهي «المدينة» ، وتسمى «المدينة النبوية» ، والدليل على هذا التعظيم قوله عليه الصلاة والسلام: المدينة حَــرَم من «عَـيـر» إلى «ثَور»[1].
«عَـــــيـــــر» و «ثَــــــور» جبلان بالمدينة ، يقعان في شمالها وجنوبها.
ومعنى كونها حَــرَم أي يَـحرُم فيها أمور ، قطع أشجارها ، وتنفير صيدها كالحمام ونحوه ، وقطع حشيشها ، والتقاط لُقطتِها وهو المال الساقط على الأرض لا يُعرف لِمن هو ، وارتكاب حَـدَثٍ أي جنايةٍ ، بل مجرد حمل السلاح لارتكاب عدوان وجناية يعتبر حراما ، كل ذلك تعظيما للمدينة أن كانت هي بلد النبي ﷺ ، ولحفظ الطمأنينة فيها.
والدليل على تحريم فعل هذه الأمور
حديث أنس رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ قال :
المدينة حَــرَم من كذا إلى كذا [2]، لا يُقطع شجرها ، ولا يُحدث فيها حدثٌ ، من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وفي لفظ لمسلم: لا يُختلى خلاها[4]. أي لا يُقطع حشيشها. وفي لفظ لأحـمد: لا يُختلى خلاها ، ولا يُنفَّرُ صيدها ، ولا تُلتقط لقطتها إلا لِمن أشار بـــها ، ولا تُقطع منها شجرة إلا أن يَعلِف رجل بعيره ، ولا يُحمل فيها السلاح لقتال[5]
[3]
· ويدخل في تعظيم المدينة تعظيم أماكن خاصة فيها ، أولها المسجد النبوي الذي بناه النبي ﷺ ، وقد جاء في فضله أن الصلاة فيه مضاعفة الثواب ،
فعن جابر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ :
صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المســجد الحرام.
[6]
· ويدخل في تعظيم المسجد النبوي تعظيم الروضة الشريفة التي بين بيته ومنبره الذي يخطب منه ،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على حوضي.
[7]
وقد جاء التغليظ فيمن حلف عند منبره ﷺ كاذبا في قوله عليه الصلاة والسلام:
لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ، ولو على سواك أخضر ، إلا تبوَّأ مقعده من النار ، أو: وجبت له النار.
[8]
وعلة التغليظ هي أن منبر النبي ﷺ هو منبر حقٍّ ، انتشر منه الحق والهدى إلى الأمة كلها ، فإذا استخدمه إنسان في غرض فاسد استحق هذه العقوبة الغليظة.
وهذا التغليظ داخل في التغليظ العام لمن ارتكب حدثا في حرم المدينة والذي ورد في
قوله ﷺ :
المدينة حَــرَم من كذا إلى كذا ، لا يُقطع شجرها ، ولا يُحدَث فيها حدثٌ ، من أحدَث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
[9]
ومنبر النبي ﷺ على تُرعة من تُرع [10]الجنة ،
فعن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله ﷺ يقول:
منبري على تُـرعة من تُـرع الجنة. قلت له: ما الترعة يا أبا العباس؟ قال: الباب
[11].
· ويدخل في تعظيم المدينة تعظيم مسجد قباء ، والدليل على ذلك أن النبي ﷺ كان يأتي مسجد قُباء كل سبت راكبا أو ماشيا ويصلي فيه ركعتين[12]. وعن أُسيد بن ظهير الأنصاري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: الصلاة في مسجد قباء كعمرة[13]. · وقد اختص الله المدينة النبوية بخصائص كثيرة منها أنه لا يدخلها الدجال في آخر الزمان ، ولا يدخلها الطاعون ، ومنها أنها الإيمان يأرِز إليها – أي يأوي إليها ويرجع - كما تأرِز الحية إلى جحرها ، واستحباب العيش فيها إلى الممات ، وبركة أرزاقها ، وجعْل تمرها شفاء ووقاية من السحر ، ومنع دخول الكفار إليها ، وغير ذلك من الخصائص العظيمة[14].
80. ومن دلائل عِظمِ قدره ﷺ أن ما بين بيته ومِنبره روضة من رياض الجنة ،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على حوضي[15].
قال ابن حجر رحمه الله: قَوْله: (رَوْضَة مِنْ رِيَاض الْجَنَّة) أَيْ كَرَوْضَةٍ مِنْ رِيَاض الْجَنَّة فِي نُزُول الرَّحْمَة وَحُصُول السَّعَادَة بِـمَا يَحْصُل مِنْ مُلَازَمَة حِلَق الذِّكْر لَا سِيَّمَا فِي عَهْده ﷺ ، فَيَكُون تَشْبِيهًا بِغَيْرِ أَدَاة ، أَوْ الْمَعْنَى أَنَّ الْعِبَادَة فِيهَا تُؤَدِّي إِلَى الْجَنَّة فَيَكُون مَجَازًا ، أَوْ هُوَ عَلَى ظَاهِره وَأَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ رَوْضَة حَقِيقَة بِأَنْ يَنْتَقِل ذَلِكَ الْمَوْضِع بِعَيْنِهِ فِي الْآخِرَة إِلَى الْجَنَّة ، هَذَا مُحَصَّل مَا أَوَّله الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْحَدِيث ، وَهِيَ عَلَى تَرْتِيبهَا هَذَا فِي الْقُوَّة.
وَأَمَّا قَوْله (وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي) أَيْ يُنْقَل يَوْم الْقِيَامَة فَيُنْصَب عَلَى الْحَوْض ، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أَبِي سَعِيد ، وَقَدْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «الْكَبِير» مِنْ حَدِيث أَبِي وَاقِد اللَّيْثِيّ رَفَعَهُ: (إِنَّ قَوَائِم مِنْبَرِي رَوَاتِـــب[16] فِي الْجَنَّة)[17].
وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ قَصْد مِنْبَره وَالْحُضُور عِنْده لِمُلَازَمَةِ الْأَعْمَال الصَّالِحَة يُورِد صَاحِبه إِلَى الْحَوْض وَيَقْتَضِي شُرْبه مِنْهُ ، وَاللَّه أَعْلَم. انتهى باختصار.
81. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن الشيطان لا يتمثل به في المنام ، فمن رأى النبي ﷺ في المنام وكان الذي رآه كما جاء في صفته المذكورة في السنة ؛ فقد رأى شخصه ، فليس بأضغاث أحلام ، ولا تشبيهات الشيطان ،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
من رآني في المنام فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي.
[18]
قال القَاضِي عياض[19] رحمه الله في شرح الحديث: قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: خَصَّ اللَّه تَعَالَى النَّبِيّ ﷺ بِأَنَّ رُؤْيَة النَّاس إِيَّاهُ صَحِيحَة ، وَكُلّهَا صِدْق ، وَمَنَعَ الشَّيْطَان أَنْ يَتَصَوَّرَ
فِي خِلْقَته لِئَلَّا يَكْذِبَ عَلَى لِسَانه فِي النَّوْم ، وَلَوْ وَقَعَ لَاشْتَبَهَ الْحَقّ بِالْبَاطِلِ ، وَلَمْ يُوثَقْ بِمَا جَاءَ
بِهِ مَخَافَةً من هذا التصور ، فَحَمَاها[20] اللَّه تَعَالَى مِنْ الشَّيْطَان وَنَزْغِه وَوَسْوَسَته وَإِلْقَائِهِ وَكَيْده. انتهى باختصار[21].
82. ومن دلائل عِظم قدره ﷺ ؛ عصمته من الوقوع في الشرك ، وعصمته من الخطأ في مجال التبليغ ، وعصمة نسبه من السفاح ، وعصمته من الوقوع في كبائر الذنوب ، وعصمته من رذائل الأخلاق.
83. ومن دلائل عِـظم قدره ﷺ أن من سبه فإنه يكفر وعقوبته القتل ، بخلاف من دونهم من الناس ،
وقد ورد في ذلك عدة أدلة منها قصة الأعمى الذي كانت له أمُّ ولدٍ[22]،
وكانت تشتــــــم النبي ﷺ ، فلما كان ذات ليلة جعلت تشتم النبي ﷺ وتقع فيه ، فأخذ مِغولا [23]فوضعه في بطنها فاتكأ عليه حتى ماتت ، فلما ذكر ذلك لرسول الله ﷺ دعا الأعمى فأخبره بأمرها ، فقال النبي ﷺ : ألا اشهدوا أن دمها هدر.
[24]
وعن علي أن يهودية كانت تشتمُ النبيَّﷺ
وتقع فيه ، فخنقها رجل حتى ماتت ، فأبطل رسول اللهﷺ دمها
[25].
وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: أغلظ رجل لأبي بكر الصديق ، فقلت: أقتله؟
فانتهرني وقال: ليس هذا لأحد بعد رسول الله ﷺ [26].
وقد نقل ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم «الصارم المسلول على شاتم الرسول» إجماع أهل العلم على قتل من وقع في سب النبي ﷺ ، سواء كان مسلما أو كافرا.
1. ومن دلائل عِـظم قدر نبينا ﷺ ، وهو في هذا مشترك مع إخوانه الأنبياء ؛ أن أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتله نبي أو قتل نبي ،
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:
أشد الناس عذابا يوم القيامة رجــــــــل قتله نبي أو قتل نبيا ، وإمام ضلالة ، وممثل من الممثلين
[27].[28]
2. ومن دلائل عِظم قدره ﷺ أن الكذب عليه موجب للدخول في النار ،
كما جاء ذلك في الحديث المتواتر الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار
[29].
3. ومن دلائل عظم قدره ﷺ
أن الميت يُسأل عنه في قبره ، فإن الميت المؤمن إذا دُفِن في قبره وتولى عنه أصحابه جاءه ملكان فيسألانه:
من ربك؟ فيقول: ربي الله. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله ﷺ . فيقولان له: وما عِلمُك؟ فيقول: قرأت كتاب الله ، فآمنت به وصدّقت. فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي ، فأفرِشوه من الجنة ، وألبِسوه من الجنة ، وافتحوا له بابا إلى الجنة[30]. قال: فيأتيه من رَوْحِها[31] وطيبها ، ويُفسح له في قبره مدَّ بصره. قال: ويأتيه رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طيب الريح ، فيقول: أبشر بالذي يسُرُّك ، هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير. فيقول: أنا عملك الصالح. فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجِع إلى أهلي ومالي. ثم قال في الكافر: ويأتيه ملكان فيُجلِسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه ، هاه ، لا أدري. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه ، هاه ، لا أدري. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هاه ، هاه ، لا أدري. فينادي منادٍ من السماء أن كذَبَ ، فأفرشوا له من النار ، وافتحوا له باب إلى النار ، فيأتيه من حرِّها وسَـمومها ، ويُضيَّق عليه قبرُه حتى تختلف فيه أضلاعه ، ويأتيه رجل قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، مُــنتِــنُ الريح ، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك ، هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول: من أنت ، فوجهُك الوجه يجيء بالشر؟ فيقول: أنا عملك الخبيث. فيقول: ربِّ لا تُــــقِم الساعة
[32].
87. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن الله عصمه من أذى الناس ، فلم يستطيعوا أن يحولوا بينه وبين تبليغ رسالة ربه بالرغم من كثرة ما أصابه من أنواع البلاء منهم ، وبالرغم من المحاولات المتكررة لقتله أو إتلافه في الحروب وغيرها ، فقد عصمه الله منهم فلم يستطيعوا قتله ولا منعه من تبليغ الرسالة ، فأدى
الرسالة وأدى الأمانة كما أراد الله وقدَّره له ،
وصدق الله
)يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس(
[33]
.[34]
نذكر هنا على سبيل المثال
ما رواه البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
لما نزلت )تبت يدا أبي لهب( جاءت امرأة أبي لهب ورسول الله ﷺ جالس ومعه أبو بكر ، فقال له أبو بكر: لو تنحَّيت لا تؤذيك يا رسول الله ، فقال رسول الله ﷺ : إنه سيُحال بيني وبينها ، فأقبلَت حتى وقفَت على أبي بكر فقالت : يا أبا بكر ، هجانا صاحبك. فقال أبو بكر: لا ورب هذه الــــبِنية[35] ، ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به. فقالت[36]: إنك لَـمُصدَّق ، فلما ولَّت قال أبو بكر رحمة الله عليه: ما رأتك؟ قال: لا ، ما زال مَلَكٌ يسترني حتى ولَّت[37].
ولما خرج رسول الله ﷺ ليلة الهجرة أرسل المشركون رجالا يراقبون بيته حتى إذا خرج قتلوه ، فأمر عليا فنام على فراشه ، ثم خرج ولم يروه وسلك طريقه المؤدي إلى المدينة حتى وصل إليها سالما[38].
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن يهودية من أهل خيبر سمَّـت شاة مصلِـــيَّـــــةً [39]ثم أهدتها لرسول الله ﷺ ،
فأخذ رسول الله ﷺ الذراع فأكل منها ، وأكل رهطٌ من أصحابه معه ، ثم قال لهم رسول الله ﷺ : (ارفعوا أيديكم) ، وأرسل رسول الله ﷺ إلى اليهودية فدعاها فقال لها: أسَـمَمْتِ هذه الشاة؟ قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال: أخبرتني هذه في يدي - للذراع. قالت: نعم. قال: فما أردتِ إلى ذلك؟ قالت: قلت إن كان نبيا فلن يضره ، وإن لم يكن استرحنا منه. فعفا عنها رسول الله ﷺ ولم يعاقبها ، وتُوفي بعض أصحابه الذين أكلوا من الشاة
[40].
والشاهد أن النبي ﷺ لم يمُت مباشرة من السُّم الذي حشته اليهودية في ذلك الذراع كما حصل لبعض أصحابه الذين أكلوا معه ، بل مدَّ الله في عمُره حتى بلَّغ رسالة ربه ، مع أن اليهودية أودعت في ذراع الشاة سُـمًّا كثيرا ، لأنهم كانوا يعلمون أنه يحب الذراع ، فاحتجم على كاهِله [41]من أجل السم الذي أكله ولم يضرَّه كما أضر غيره من الصحابة ممن أكل معه ، وكان يجد ألم السم في ظهره في عرق الأَبهر ، فكان كلما وجد ألما احتجم[42] ، فلما مرت ثلاث سنوات وتم للنبي ﷺ تبليغ رسالة ربه وأنزل الله عليه في حجته في يوم عرفة )اليوم أكملت لكم دينكم( ، ثم أنزل الله عليه في أيام التشريق
قوله تبارك وتعالى
)إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا(
؛ فعند ذلك علِم النبي ﷺ بدنو أجله ، فلما كان وجعه الذي توفي منه قال لعائشة رضي الله عنها: يا عائشة ، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجَدْتُ انقطاع أَبهري من ذلك السم[43].
والأبهر: عرق مستبطن في الصُّلب ، والقلب متصل به ، فإذا انقطع لم تكن معه حياة. قاله ابن منظور في «لسان العرب».
قال ابن القيم رحمه الله:
ولما احتجم النبي ﷺ في الكاهل ، وهو أقربُ المواضع التي يمكن فيها الحجامة إلى القلب ، فخرجت المادةُ السُّمِيَّة مع الدم لا خُروجا كُليّا ، بل بَقِىَ أثرُها مع ضعفه ، لِما يُريد الله سبحانه من تكميلِ مراتبِ الفضل كُلِّها له ، فلما أراد الله إكرامَه بالشهادة ، ظهر تأثيرُ ذلك الأثر الكامِن من السُّم ليَقضىَ اللهُ أمرا كان مفعولا ،
وظهر سِرُّ قوله تعالى لأعدائه من اليهود
)أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقا تَقْتُلُون(
، فجاء بلفظ «كَذَّبتم» بالماضي الذي قد وقع منه وتحقق ، وجاء بلفظ: )تَقتلُون( بالمستقبل الذي يتوقَّعونه ويَنتظرونه. والله أعلم[44].
قلت: ومحاولات قتل النبي ﷺ كثيرة في الحروب وغيرها ، وكلها بائت بالفشل بحمد الله ، لأن الله تكفل بحفظ دينه وإتمامه ، فلم يمت رسول الله ﷺ حتى بلَّغ رسالة ربه ، فلما بلغها اختاره الله لجواره ، وقد ألف الباحث عبد المنعم الهاشمي كتابا كاملا جمع فيه محاولات اغتيال النبي ﷺ ، فليرجع إليه من أراد الاستزادة[45].
ومن اللطيف ذكره أن إخبار الله نبيه بعصمته له في الآية المذكورة آنفا جاءت مقرونة بالأمر بتبليغ الرسالة ، فدل على أن العصمة مرتبطة بالتبليغ ، فإذا تم التبليغ ارتفعت العصمة ، وهذا هو الواقع ، والله له العزة والغلبة ،
قال الله تعالى
)يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس(.
المراجع
- رواه البخاري (6705) ومسلم (1370) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
- أي من جبل عِـير إلى جبل ثور.
- رواه البخاري (1867) ومسلم (1366) ، واللفظ للبخاري.
- رقم (1367).
- (1/119) ، وقال محققو «المسند»: صحيح لغيره.
- رواه ابن ماجه (1406) واللفظ له ، وأحمد (3/343) وصححه الألباني ومحققو «المسند».
- رواه البخاري (1888) ومسلم (1391).
- رواه أبو داود (3246) عن جابر رضي الله عنه ، ورواه ابن ماجه (2326) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وصححه الألباني رحمه الله.
- استفدت هذه الفائدة في علة التغليظ فيمن حلف عند المنبر النبوي كاذبا من الشيخ محمد علي آدم الأثيوبي حفظه الله ونفع بعلومه.
- الترعة هي الروضة على المكان المرتفع. انظر «النهاية».
- رواه أحمد (5/335) ، والطبراني في «الكبير» (6/142) ، والبيهقي (5/247) ، وقال محققو «المسند»: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
- رواه البخاري (1193) ومسلم (1399) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
- رواه الترمذي (324) وابن ماجه (1411) وصححه الألباني.
- انظر للتوسع كتاب: فضل المدينة وآداب سكناها وزيارتها ، للشيخ عبد المحسن العباد ، الناشر: دار التوحيد – الرياض.
وكتاب: الأحاديث الواردة في فضائل المدينة ، جمعاً ودراسة ، تأليف: صالح بن حامد الرفاعي ، الناشر: دار الخضيري – المدينة. - تقدم تخريجه قريبا.
- قال السندي في «شرح سنن النسائي» (2/36): الرواتب جمع راتبة مِن «رَتب» إذا انتصب قائما ، أي أن الأرض التي هو فيها من الجنة ، فصارت القوائم مقرها الجنة ، أو أنه (يعني المنبر) سينقل إلى الجنة. والله تعالى أعلم.
ورواه أحمد عن أم سلمة (6/289) ، والطبراني في الكبير (23/254) ، وقال محققو المسند: إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين ، غير عمار الدهني فمن رجال مسلم. - رواه الحاكم في «المستدرك» (3/532) ، والنسائي (695) ، والطبراني (3/245) ، وصححه الألباني.
ورواه أحمد عن أم سلمة (6/289) ، والطبراني في الكبير (23/254) ، وقال محققو المسند: إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين ، غير عمار الدهني فمن رجال مسلم. - رواه البخاري (110) ومسلم (2266).
- هو الإمام العلامة الحافظ الأوحد ، شيخ الإسلام ، القاضي عياض بن موسى اليحصبي الأندلسي المالكي ، ولد سنة 476 ، درس على ما يقارب من مائة شيخ ، واستبحر من العلوم ، وولي القضاء ، كان إماما في الحديث ، له كتاب «الإكمال في شرح صحيح مسلم» ، كمل به كتاب «الـمُـعـلَم» للمازَري ، وله كتاب «الإلماع في أصول الرواية والسماع» ، وله كتاب «جامع التاريخ» فيه أخبار ملوك الأندلس والمغرب ، وله كتاب «الشفا في شرف المصطفى» ، وله غيرها. توفي رحمه الله عام 544 . انظر ترجمته في «السير» (20/212).
- أي رؤية النبي ﷺفي المنام.
- نقله النووي عنه في شرحه للحديث المتقدم.
- أمُّ ولدٍ أي أمة ، وطأها سيدها فولدت له ولدا.
- المِـغول ، قال في «عون المعبود»: مِثْل سَيْف قَصِير يَشْتَمِل به الرَّجُل تَحْت ثِيَابه فَيُغَطِّيه ، وَقِيلَ حَدِيدَة دَقِيقَة لَهَا حَدّ مَاضٍ ، وَقِيلَ هُوَ سَوْط فِي جَوْفه سَيْف دَقِيق يَشُدّهُ الْفَاتِك عَلَى وَسَطه لِيَغْتَالَ به النَّاس.
- رواه أبو داود (4361) والنسائي (4081) عن ابن عباس رضي الله عنه ، وصححه الألباني رحمه الله.
- رواه أبو داود (4362) ، وقال في «الإرواء» (5/91): إسناده صحيح على شرط الشيخين.
- رواه النسائي (4082) ، وصححه الألباني رحمه الله.
- أي الذي يصنع التماثيل ، والعلة معروفة ، وهي أن صنع التماثيل يؤدي إلى عبادتها ، ولهذا تجد الذين يعبدون غير الله من النصارى والبوذيين والهنادكة ونحوهم ينصبون تماثيل أمامهم ويتقربون لها بأنواع العبادات من سجود ودعاء ونحو ذلك ، عياذا بالله.
- رواه أحمد (1/407) ، وقال محققو «المسند»: إسناده حسن.
- رواه البخاري (110) ومسلم (3).
- أي اجعلوا له فراشا من الجنة.
- قال الملا علي القاري في «مرقاة المفاتيح»: (مِن رَوحها) ؛ أي بعض رَوحها ، والروح بفتح الراء ؛ الراحة ونسيم الريح.
- أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (4/287) في حديث طويل ، وأبو داود (4753) ، وصحح إسناده محققو «المسند» وقالوا: رجاله رجال الصحيح ، وكذا صححه الألباني كما في «صحيح الجامع» (1676) و «مشكاة المصابيح» (1630).
- سورة المائدة ، الآية 67 .
- يراجع للفائدة ما قاله ابن كثير في تفسير هذه الآية ، وكذلك ما ذكره ابن الجوزي في تفسيره الموسوم «زاد المسير في التفسير» ، وكذلك ما قاله الشيخ ابن باز رحمه الله فيها في «مجموع فتاواه» (8/150).
- لعله يقصد بالبنية بناء الكعبة.
- في المطبوع (قال) ، وأظنه تصحيف ، لأن القائل امرأة.
- رواه أبو بكر البزار في مسنده (15) ، وغيره ، وفي سنده عطاء بن السائب ، وهو ثقة اختلط.
- انظر قصة الهجرة في كتب السيرة.
- مصلية أي مشوية.
- رواه أبو داود (4509) ، وصححه الألباني ، ورواه أحمد (1/305) عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وصححه محققو «المسند» ، وأصل القصة في البخاري (5777) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وفي هذا الحديث دليل على أن النبي ﷺ لا يعلم الغيب ، إذ لو كان يعلم الغيب لما أكل من الشاة وفيها سم ، فليت غلاة الصوفية يعقلون!
- الكاهل هو مقدم أعلى الظهر ، قاله ابن الأثير في «النهاية» ، وسيأتي في كلام ابن القيم أنه أقربُ المواضع التي يمكن فيها الحجامة إلى القلب.
- انظر «المسند» حديث رقم (2784).
- رواه البخاري (4428) عن عائشة رضي الله عنها ، وأبو داود (4512) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وانظر للفائدة كلام ابن القيم في «زاد المعاد» ، فصل في هديه ﷺفي علاج السم الذي أصابه بخيبر من اليهود ، (4(121).
- «زاد المعاد» (4/123).
- الناشر: شركة مكتبة البخاري – الكويت.
.