1. المقالات
  2. النصر المؤزر للنبى الموقر
  3. الحق الثاني عشر: الذب عن ذات النبي ﷺ

الحق الثاني عشر: الذب عن ذات النبي ﷺ

الكاتب : ماجد بن سليمان الرسى
970 2020/07/27 2024/10/16

الدفاع عن رسول الله ﷺ  ونصرته آية عظيمة من آيات المحبة والإجلال ، تفضل بها الصحابة عمن أتى بعدهم ،

قال الله تعالى

﴿للفقراء المهاجرين الذي أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون﴾

[1].


وقد سطّـر الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة وأصدق الأعمال في الذب عن رسول الله ﷺ  ، وفدائه بالأموال والأولاد والأنفس في المنشط والمكره ، في العسر واليسر ، وكتب السير عامرة بقصصهم وأخبارهم التي تدل على غاية المحبة والإيثار والتعظيم.

ومن ذلك أن رسول الله ﷺ  قال يوم أحد:

من يردهم عنا وله الجنة ، أو: هو رفيقي في الجنة؟ فتقـدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ، ثم لما أدركو النبي ﷺ  قال: من يردهم عنا وله الجنة ، أو هو رفيقي في الجنة ، فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة.

[2]

ومن ذلك أن أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنه كان يحمي الرسول ﷺ  في غزوة أحد ،

ويرمي بيـن يديـه ، ويقـول: يا نبي الله ، بأبي أنـت وأمي ، لا تُشــرِف[3] ، لايصـيبك سـهم من سـهام الـقوم ، نحري دون نحرك[4].


وعن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه قال:

رأيت يد طلحة [5]شلاَّء ، وَقى بها النبي ﷺ  يوم أحد

[6].

ولما قال رأس المنافــقين عبد الله بن أبي سلـــــــــول:

(لئن رجـعنا إلى الـمـدينة ليُخـرجن الأعز منـها الأذل) ؛ قال رسول الله ﷺ  : أدعوا لي عبد الله بن عبد الله بن أُبي ، فدعاه ، فقال: ألا ترى ما يقول أبوك؟ قال: وما يقول ، بأبي أنت وأمي؟ قال: يقول لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فقال: فقد صدق والله يا رسول الله ، أنت والله الأعز وهو الأذل ، أما والله لقد قدمت المدينة يا رسول الله ، وإن أهل يثرب ليعلمون ما بها أحد أبر مني ، ولئن كان يُرضي الله ورسوله أن آتيهما برأسه لأتيتهما به. فقال رسول الله ﷺ  : لا. فلما قدموا المدينة قام عبد الله بن عبد الله بن أبي على بابها [7]بالسيف لأبيه ، ثم قال: أنت القائل: (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) ؟ أما والله لتعرفَنَّ العزة لك أو لرسول الله ، والله لا يأويك ظله ولا تَأويه أبدًا [8]إلا بإذن من الله ورسوله. فقال: يا للخزرج ، إبني يمنعني بيتي ، يا للخزرج ، ابني يمنعني بيتي! فقال: والله لا تأويه أبداً إلا بإذن منه. فاجتمع إليه رجال فكلَّموه ، فقال: (والله لا يدخله إلا بإذن من الله ورسوله) ، فأتوا النبي ﷺ  فأخبروه ، فقال: اذهبوا إليه ، فقولوا له: (خلِّه ومَسْكنَه) ، فأَتوه ، فقال: أما إذا جاء أمر النبي ﷺ  فنعم

[9].


وفي رواية عند الترمذي ؛ أن عبد الله قال لأبيه:

والله لا تنفلِت[10] حتى تُـقِر أنك الذليل ورسول الله ﷺ  العزيز ، ففعل

[11].

وقد ورد في ذلك عدة أدلة منها قصة الأعمى الذي كانت له أم ولد[12]

، وكانت تشتم النبي ﷺ  ، فلما كان ذات ليلة جعلت تشتم النبي ﷺ  وتقع فيه ، فأخذ مِغولا [13]فوضعه في بطنها فاتكأ عليه حتى ماتت ، فلما ذكر ذلك لرسول الله ﷺ  دعا الأعمى فأخبره بأمرها ، فقال النبي ﷺ  : ألا اشهدوا أن دَمَها هَدَر

[14].


وعن أبي برزة الأسلمي قال: أغلظ رجل لأبي بكر الصديق ، فقلت: أقتله؟
فانتهرني وقال: ليس هذا لأحد بعد رسول الله ﷺ  [15].

وعن علي رضي الله عنه أن

يهودية كانت تشتمُ النبيَّ ﷺ  وتقع فيه ، فخنقها رجل حتى ماتت ، فأبطل [16]رسول الله ﷺ  دمها.

[17]

وقد نقل ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم «الصارم المسلول على شاتم الرسول» إجماع أهل العلم على قتل من وقع في سب النبي ﷺ  ، سواء كان مسلما أو كافرا.
والذب عن ذات النبي ﷺ  ماضٍ بعد مماته ، بِرد الشبهات التي تثار حوله ، والأخذ على يد المتطاولين عليه والمستهزئين به ، وإقامة حد الردة عليهم إن كانوا في بلاد المسلمين ، وإن كانوا خارجـها فبإظهار النكير عليهم ، وبيان سيرة النبي ﷺ  وهديه ، ولا شك أن هذا من الـجهاد 

باللسان ، وقد كان حسان بن ثابت رضي الله عنه يدافع عن النبي ﷺ  بشعره ، وفي الحديث: جاهدوا المشركين بألسنتكم وأنفسكم وأموالكم وأيديكم[18].


المراجع

  1. الحشر: 8 .
  2. رواه مسلم (1789) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
  3. الإشراف هو الاطلاع من مكان مشرف أي عالي وبارز. انظر «النهاية». 
  4. رواه البخاري (3811) ، ومسلم (1811) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
  5. أي طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
  6. رواه البخاري (4063).
  7. أي باب المدينة.
  8. أي ظل بيتك ، كما سيأتي.
  9.   رواه الطبري في تفسير سورة المنافقين ، تفسير قوله تعالى يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
  10. الإنفلات هو التخلص من الشيء. انظر «النهاية». 
  11. برقم (3315) ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
  12. أم ولد أي أمة ، وطأها فولدت له ولدا.
  13. المِـغول ، قال شمس الحق العظيم أبادي في «عون المعبود»: مِثْل سَيْف قَصِير يَشْتَمِل به الرَّجُل تَحْت ثِيَابه فَيُغَطِّيه ، وَقِيلَ حَدِيدَة دَقِيقَة لَهَا حَدّ مَاضٍ ، وَقِيلَ هُوَ سَوْط فِي جَوْفه سَيْف دَقِيق يَشُدّهُ الْفَاتِك عَلَى وَسَطه لِيَغْتَالَ به النَّاس.
  14. رواه أبو داود (4361) والنسائي (4081) عن ابن عباس رضي الله عنه ، وصححه الألباني رحمه الله ، وقال في الإرواء (5/92): إسناده صحيح على شرط مسلم.
  15. رواه النسائي (4082) ، وصححه الألباني رحمه الله.
  16. أبطل أي أهدر.
  17. رواه أبو داود (4362) ، وقال في «الإرواء» (5/91): إسناده صحيح على شرط الشيخين.
  18. رواه أحمد (3/153) عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، وقال محققو «المسند»: إسناده صحيح على شرط مسلم.


المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day