1. المقالات
  2. السِّيرَةُ النَّبويَّةُ (تَربِيةُ أمَّةٍ وَبنَاءُ دَوْلَةٍ)
  3. العقيدة هي الأساس

العقيدة هي الأساس

الكاتب : صالح أحمد الشامي

العقيدة هي الأساس

"لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّد رَسُولُ اللَّه"

تلك هي الكلمة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب من الناس أن يقولوها.

وتلك الكلمة هي الباب الذي يُدخل منه إلى الإسلام. .

وبها يعلن المسلم هويته، فهذا أبو ذر يقف في المسجد الحرام ليرفع صوته قائلاً: " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" وكان ذلك كافياً ليثور القوم عليه. . (1).

وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف على الناس في موسم الحج، ليقول لهم: "يا أيها الناس، قولوا: "لا إله إلا الله" تفلحوا" (2).

إنها كلمة، ولكنها كلمة متميزة. .

جاء القوم إلى أبي طالب حين قرب أجله يكلمونه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. . وحضر صلى الله عليه وسلم ليقول لهم: "كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم" فقال أبو جهل: نعم وأبيك، وعشر كلمات قال: تقولون: لا إله إلا الله، وتخلعون ما تعبدون من دونه. ." فصفقوا بأيديهم. .(3)

تلك هي الكلمة المطلوبة، ولقد فهم المسلمون المقصود منها، كما فهمه الكافرون على حد سواء، فهمها المسلمون فالتزموا بما تفرضه عليهم من مسؤوليات، وقاومها الكافرين لأنهم فهموا معناها وما يترتب عليها من ذهاب كيانهم، وتحطم طغيانهم، وتهافت أساطيرهم وأوهامهم.

إن هذه الشهادة تقوم على ركنين:

الأول: وبه يكون الإقرار بالعبودية لله تعالى وحده. .

والثاني: ويعني أن معرفة كيفية الالتزام بالعبودية لله تعالى إنما يكون بالتلقي عن رسول الله. .

وهكذا تنحسر من حياة المسلم كل الضلالات والأوهام. . ويصبح منقاداً لهذا الرسول الكريم يتلقى عنه ما يأتيه به، في ثقة كاملة، وإيمان لا يتزعزع.

تلك هي القاعدة التي تقوم عليها حياة المؤمن، تنساب إلى القلب بسهولة ويسر لأنها تمثل الحقيقة التي لا شك فيها، ولهذا تتقبلها الفطرة لأنها الصفاء الذي لم يخالطه الغبش. .

وكان من حكمة الله تعالى، أن جعل لترسيخ هذه القاعدة - على بساطتها - المدة الكافية، وهي الفترة المكية، فقد ظل الوحي ينزل ثلاثة عشر عاماً هذه القاعدة ضمن التطبيق العملي في واقع الحياة. .

ظل القرآن في كل تلك الآيات التي نزلت في مكة يقرر هذه القاعدة تارة، وينفي عنها كل لبس تارة أخرى، ويناقش العقائد الباطلة تارة ثالثة. . وهكذا.

كان المشركون من قريش يقرون بأن الله تعالى هو الخالق. . وقد سجل القرآن هذا الموقف، ولكنهم كانوا يجعلون معه شركاء وجاءت الآيات لتقرر أمر الوحدانية بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض. .

{وَقَالَ ٱللَّهُ لَا تَتَّخِذُوٓا إِلَٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ ۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَإِيَّٰىَ فَٱرْهَبُونِ وَلَهُۥ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًا ۚ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ} (1).

ودحض القرآن حجتهم في قولهم:

{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىٰٓ}

(2). . . كما وجه إلى إعمال العقل في نفي الشريك عنه تعالى:

{أَمِ ٱتَّخَذُوٓا ءَالِهَةً مِّنَ ٱلْأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ لَا يُسْـَٔلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـَٔلُونَ} (3).

وجاءت سورة الإخلاص لتؤكد الوحدانية وتنفي الطرف الآخر من الشرك وهو اعتقاد الولد لله - سبحانه عما يصفون - فقالت: 

{قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدٌۢ} (4).

وتتابعت الآيات لتقرر كل القضايا الأخرى المرتبطة بأمر الألوهية. . فالشعائر التعبدية كلها لا تكون إلا الله. .

{قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُۥ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ. .} (5).

والدين - الذي من معانيه الخضوع - لا يكون إلا لله.

{إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ فَٱعْبُدِ ٱللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ ٱلدِّينَ أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ ۚ . .} (6).

{هُوَ ٱلْحَىُّ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ۗ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ} (1)

والانصياع لا يكون إلا لحكم الله تعالى. .

{إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوٓا إِلَّآ إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ} (2).

{أَمْ لَهُمْ شُرَكَٰٓؤُا شَرَعُوا لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنۢ بِهِ ٱللَّهُ ۚ } (3).

وهكذا تتابعت الآيات لتجلو بوضوح كل أمر يتعلق بهذا الشأن حتى وصلت تتابعت الآيات لتجلو بوضوح كل أمر يتعلق بهذا الشأن حتى وصلت بالمؤمن إلى التصور الصحيح والكامل الشامل في شأن الألوهية. . يقابله في الطرف الآخر أمر العبودية لله وشموله لجميع تصرفات العبد. .

المراجع

  1. متفق عليه، وهو عند مسلم برقم 2474، وعند البخاري برقم 3522. 
  2.  أخرجه الطبراني، وقال الهيثمي: رجاله ثقات. 
  3. انظر حياة الصحابة للكاندهلوي 1/ 72. سيرة ابن هشام 1/ 417
  4. سورة النحل: الآيتان 51- 52.
  5. سورة الزمر: الآية 3.
  6. سورة الأنعام: الآيتان 162- 163.
  7. سورة الزمر: الآية 3.
  8. سورة الأنعام: الآيتان 162- 163.
  9. سورة الزمر: الآيتان 2- 3.
  10. سورة غافر: الآية 65
  11. سورة يوسف الايه40
  12. سورة الشورى: الآية 21.


المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day