1. المقالات
  2. أربعون حديثاً في الخيرية
  3. خيرية خلق الحياء

خيرية خلق الحياء

الكاتب : محمد بن ابراهيم الهزاع
431 2021/07/09 2024/03/29

وليس من الحياء والاستحياء، الامتناع عن قول الحق أو فعل الخير وإنكار المنكر أو الإخلال ببعض الحقوق وغير الحقوق وغير ذلك مما هو معروف، بل هو عجز مهانة وجبن، وإنما أطلق عليه الحياء لمشابهته الحياء الشرعي (1).

وقد جمع الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بين نوعي الحياء الفطري والمكتسب.

قال القرطبي: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جُمع له النوعان - من الحياء المكتسب والغريزي - فكان في الغريزي أشد حياء من العذراء في خدرها (2) وكان في المكتسب في الذروة العليا صلى الله عليه وسلم) (3) .

وقد قسم (الحياء) إلى عشرة أوجه: حياء جناية. وحياء تقصير. وحياء إجلال.. وحياء حشمة. وحياء استصغار للنفس واحتقار لها. وحياء محبة. وحياء عبودية. وحياء شرف وعزة. حياء المستحيي من نفسه (4).

إن المرء إذا تجرد من الحياء الشرعي، يصبح مثل الذي يقف وسط الناس كما ولدته أمه، وليس هناك من حكم عليه أصدق من أنه (معتوه).

_______________________

  • ابن حجر، فتح الباري، (1/ 52). والنووي، شرح صحيح مسلم، (1/ 204) بتصرف.
  • هو من طرف حديث أبي سعيد عند البخاري برقم (6119).
  • ابن حجر، فتح الباري، (10/ 522 - 523).
  • من أراد زيادة البحث في معنى هذه الأقسام فليرجع إلى ابن قيم الجوزية، مدارج السالكين (2/ 250).

وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - كثيراً ما يتمثل ببيت من الشعر يشير إلى ضرورة الحياء في حياة كل إنسان، حيث يكون بمثابة الستر الذي يواري سوأته، ونص البيت:

إني كأني أرى من لا حياء له

                                  ولا أمانة وسط القوم غرياناً

وجاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، قول يفيد هذا المعنى من أن الحياء كالثوب الذي يستر صاحبه، فهو يقول: (من كساه ثوبه لم ير الناس عيبه) (1).

- قوله: "لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ" أي: من كان الحياء خُلقه أن الخير يكون فيه أغلب، أو لكونه صار عادة وتخلق به صاحبه يكون سبباً لجلب الخير إليه فيكون منه الخير بالذات والسبب (2).

وخلاصة القول: إن خلق الحياء دلالة على اعتدال الأخلاق ورمز لصفاء القلب ونقاء الضمير، فإذا تحلى المسلم بهذا الخلق صحت سريرته وعلانيته وعامل الخلق بما يرضاه مولاه.

وكذلك المسلم الحيي لا يقبل إلا الحلال من كل شيء في المطعم والمشرب والملبس والمسكن وغير ذلك.

ولا يخفى ما لهذه الأمور من خير يعود على الفرد والأمة الإسلامية بالعدل والأمن، وهذا مصدقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ" (3).

_______________________

  • المغربي، الأخلاق والواجبات، ص 73.
  • ابن حجر، فتح الباري، (10/ 522- 523).
  • سبق تخريجه ص 61.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day