1. المقالات
  2. النصر المؤزر للنبى الموقر
  3. الدلائل المئة على عظم قدر النبى محمد ﷺ الجزء السادس

الدلائل المئة على عظم قدر النبى محمد ﷺ الجزء السادس

الكاتب : ماجد بن سليمان الرسي
1007 2020/06/14 2020/06/24

63.[1] ومن دلائل عظم قدره ﷺ أنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ، وأول من يُفيق.
64. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أنه صاحب الشفاعة العظمى لبدء الحساب يوم القيامة ، وهو أمر خصَّه الله تعالى به وشرفه به ، إذ جعله الله شفيع الخلائق لبدء حسابهم كلهم ، مؤمنهم وكافرهم ، حيث أن الناس يطول بهم الموقف يوم القيامة ، فيذهبون إلى الأنبياء ليشفعوا لهم عند الله لبدء الحساب ، ليرى كلٌّ سبيله ، إما إلى الجنة أو إلى النار ، فيعتذر عنها آدم عليه السلام ، ثم يذهبون 

 إلى أولي العزم من الأنبياء ، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ، فيعتذروا عنها ، ثم يذهبون إلى خاتـمهم محمد ﷺ فيقول: (أنا لها) ، فيسجد تحت العرش ما شاء الله أن يسجد ، ويفتح الله عليه من المحامد وحسن الثناء على الله ما لم يفتحه على أحد قبله ، ثم يقال له: (يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، وسل تعط ، واشفع تشفع) ، فيشفع لأهل الموقف عند الله في بدء الحساب ، فيقبل الله شفاعته ، فيبدأ الحساب وفصل القضاء.
وهذه الشفاعة هي المقام المحمود الوارد ذكره في

قوله تعالى

)عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا(

[2]

، وهو المقام الذي يحمده فيه الأولون والآخِرون يوم القيامة ، ويغبِطونه به ، إذ تكون له المنة على جميع الخلق ، وقد حث النبي ﷺ أمته على الدعاء له بأن يبعثه الله هذا المقام المحمود ،

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، أن رسول الله ﷺ قال:

من قال حين يسمع النداء: (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ، آتِ محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته) ؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة 

[3].


ولعظم شأن هذه الشفاعة ؛ سماها أهل العلم بالشفاعة العظمى[4].
ومما يدل أيضا على اختصاصه ﷺ بهذه الشفاعة

حديث جابر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:

أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ؛ نُصِرت بالرعب مسيرة شهر ، وجُــــعِــــلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيُّــــما رجل أدركته الصلاة فليُصل ، وأُحِــــلت لي الغنائم ولم تُــحَـــل لأحد قبلي ، وأُعطيت الشفاعة ، وكان النبي يُـــــبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة.

[5]


قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد اتفق المسلمون على أنه ﷺ أعظم الخلق جاهاً عند الله ، ولا جاه لمخلوق عند الله أعظم من جاهه ، ولا شفاعة أعظم من شفاعته[6].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ :

أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مُـشَفّع

[7].[8]

65. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن له يوم القيامة ثلاث شفاعات خاصة غير العظمى ، وهما كالتالي ؛ الأولى: شفاعته لعصاة المؤمنين من أهل الكبائر ممن استحقوا دخول النار ألاّ يدخلوها ،

وهي التي عناها النبي ﷺ في قوله:

لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها ، وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة.

[9]

وفي رواية لمسلم:

لكل نبي دعوة مستجابة ، فتعَجَّل كلُّ نبي دعوته ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ، فهي نائلة ، إن شاء الله ، من مات من أمتي لم يشرك بالله شيئا

[10].

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

قال رسول الله ﷺ : شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي.

[11]


الثانية شفاعته ﷺ للمؤمنين في دخول الجنة [12]،

فإن المؤمنين إذا أتوا الجنة وجدوا أبوابها مغلقة ، فعندئذ يطرق النبي ﷺ باب الجنة ، فيقول خازن الجنة: من أنت؟ فيقول: محمد. فيقول: بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك

[13].


وعن أنس رضي الله عنه قال:

قال رسول الله ﷺ : أنا أول الناس يشفع في الجنة ، وأنا أكثر الأنبياء تبعا

[14].


وعنه أن النبي ﷺ قال:

... ، فآخذ بحلْقة باب الجنة فأُقَـعْــقِعُها[15] ، فيقال: من هذا؟ فيقال: محمد ، فيفتحون لي ويرحبون ، فيقولون: مرحبا.

[16]

وفي هذا إظهار لشرفه وفضله ، لما كان صاحب الشـفاعة العظمى ليريح الناس من كربات المحشر ، والشفاعة الثانية لنيل الفرح والسرور بدخول الجنة.
وثالثها شفاعته ﷺ في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب ،

فعن العباس بن عبد المطلب  رضي الله عنه أنه قال للنبي ﷺ :

ما أغنيت عن عمك؟ فوالله كان يَحوطُك [17]ويغضب لك. قال: هو في ضحضاحٍ [18]من نار ، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار.

[19]


بل قد جاء النص صريحا في أن أبا طالب هو أهون أهل النار عذابا ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله ﷺ قال: أهون أهل النار عذابا أبو طالب ، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه[20].
وهذا النفع في تخفيف العذاب عنه حتى صار من أهون الناس عذابا في النار يعتبر دليلا على عِظم قدر الشفيع وهو النبي ﷺ ، فلولا شفاعته لكان حاله كحال غيره من الكفار ، فليس أحد من الكفار في منزلة أهون من النار إلا أبا طالب بنص الحديث.

فالحاصل أن هذه الشفاعات الأربع (العظمى والثلاث المتقدمة) هي الشفاعات التي ستحصل للنبي ﷺ يوم القيامة ، كلها خاصة به ﷺ ، وهناك شفاعة خامسة ، ولكنها مشتركة بينه وبين المؤمنين والملائكة ، وهي الشفاعة للمؤمنين الذي استحقوا دخول النار في الخروج منها[21].
66. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن الله جعل لواء الحمد بيده ﷺ يوم القيامة ، الذي ينضوي تحته جميع الأنبياء ،

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ :

أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر ، وما من نبي يومئذ - آدم فمن سواه - إلا تحت لوائي ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر.

[22]


فهذه الخصيصة وما قبله من الخصائص تدل على علو مرتبته ﷺ وعلو منـزلته في الآخرة.
67. ومن دلائل عِظَم قدر النبي ﷺ أن له حوضا خاصا به يوم القيامة في أرض المحشر ، وهو غير نهر الكوثر الذي بالجنة ، وهو في هذا مشترك مع إخوانه الأنبياء ، فإن لكل نبي حوضا

كما قال ﷺ :

إن لكل نبي حوضا ، وإنهم يتباهون أيُّهم أكثر واردةً[23] ، وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردة.

[24]


وحوض النبي ﷺ يَصُبُّ فيه مِيزابان[25] من نَـهَر الكوثر الذي بالــجنة ، وطول الحوض مسيرة شهر ، فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، ورائحته أطيب من المسك ، ومذاقه أحلى من العسل ، من يشرب منه شربة فإنه لا يظمأ بعدها أبدا ، يصب فيه ميزابان من الجنة ، أحدهما من ذهب ، والآخر من فضة ، عرضه مثل طوله ، كما بين صنعاء والمدينة[26].

قلت: وما أشد حاجة الناس للشرب منه في ذلك اليوم الشديد الحر ، الذي يقف فيه الناس طويلا ، فمن أراد أن يشرب من حوض النبي ﷺ يوم القيامة فليُكثر الشرب من شريعته في الدنيا.
68. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أنه أكثر الأنبياء تبعاً ،

فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ :

أنا أول الناس يشفع في الجنة ، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً. وفي رواية: أنا أول شفيع في الجنة ، لم يُصدَّق نبي من الأنبياء ما صُدِّقت ، وإنَّ من الأنبياء  نبيا ما يُصدِّقه من أمته إلا رجل واحد.

[27][28]


قال النووي رحمه الله في شرح حديث (فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة[29]):
وَقَوْله ﷺ : (فَأَرْجُو أَنْ أَكُون أَكْثَـــرُهمْ تَابِعًا) عَلَم مِنْ أَعْلام النُّبُوَّة ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلام بِهَذَا فِي زَمَن قِلَّة الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ مَنَّ اللَّه تَعَالَى وَفَتَحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْبِلاد وَبَارَكَ فِيهِمْ ، حَتَّى انتهى الأمْر وَاتَّسَعَ الْإِسْلام فِي الْمُسْلِمِينَ إِلَى هَذِهِ الْغَايَة الْمَعْرُوفَة ، وَلِلَّهِ الْحَمْد عَلَى هَذِهِ النِّعْمَة وَسَائِر نِعَمه الَّتِي لا تُحْصَى ، وَاَللَّه أَعْلَم. انتهى[30].
قال مقيده عفا الله عنه: وهذا أمر مشاهد ، فإن أتباع النبي ﷺ في ازدياد ، فلا يمر يوم إلا ودخل داخل في دين الإسلام ، والحمد لله على نعمة الهداية.
69. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أنه أعظم الناس أجرا يوم القيامة ، لأن أتباعه في ازدياد ، ولأن له أجر عملهم إلى يوم القيامة ،

وفي الحديث:

من سَنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن يُـــنقِص من أجورهم شيء.

[31]

70. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أن الله تعالى غفـر له ما تقــدم من ذنبه وما تأخر في حال حياته ،

قال الله تعالى

}إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيما * وينصرك الله نصراً عزيزاً{.


قال العز بن عبد السلام رحمه الله: ومنها[32] أن الله تعالى أخبره بأنه غَفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولم يُنقل أنه أخبر أحداً من الأنبياء بمثل ذلك ، بل الظاهر أنه لم يُخبرهم ، لأن كل واحد منهم إذا طُلبت منهم الشفاعة في الموقف ذكر خطيئته التي أصابها وقال: (نفسي نفسي) ، ولو عَلم كل واحد منهم بغفران خطيئته لم يَوْجل منها في ذلك المقام ، وإذا استشفعت الخلائق بالنبي ﷺ في ذلك المقام قال: أنا لها[33].
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: هذا من خصائصه صلوات الله وسلامه عليه التي لا يشاركه فيها غيره.
71. ومن دلائل عِظم قدره ﷺ أن الله يبعثه يوم القيامة وأمته على تل ، ويكسوه الله حُـــــلَّـــــةً خضراء ،

فعن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:

يبعث الناس يوم القيامة ، فأكون أنا وأمتي على تلٍّ ، ويكسوني ربي تبارك وتعالى حلة خضراء ، ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذاك المقام المحمود.

[34]


72. ومن دلائل عظم قدره ﷺ أنه أول من يـجوز[35] على الصراط ، وهذه الأمور مما خُـصّ بها النبي ﷺ عن باقي الأنبياء السابقين ،

ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الطويل:

فيُضرب الصراط بين ظهراني جهنم ، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته.

[36]

المراجع

  1. انظر صحيح البخاري (2411 ، 2412) ، ومسلم (2373).
  2. سورة الإسراء: 79 .
  3. رواه البخاري (614).
  4. انظر حديث الشفاعة في صحيح البخاري (4712 ، 7410 ، 7439 ، 7440 ، 7510) ، وصحيح مسلم (193 ، 195).
  5. رواه البخاري (335) ومسلم (521) ، وفي الباب عن أبي هريرة ، رواه مسلم (523).
  6. «مجموع الفتاوى» (1/145).
  7. مُـشَـفّع أي مقبولة شفاعته.
  8. رواه مسلم (2278).
  9. رواه البخاري (6304) ومسلم (198) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، واللفظ للبخاري.
  10. رقم (199).
  11. رواه الترمذي (2435) ، وأبو داود (4739) ، وأحمد (3/213) وصححه الألباني في «المشكاة» (5598 - 5599) عن أنس رضي الله عنه.
  12. الخازن هو الحافظ للشيء ، وقد اشتهر عند الناس تسميته بـ «رضوان» ، وهذا لا دليل صحيح عليه ، والصواب تسميته بخازن الجنة كما جاء في الحديث ، أفادني بها الشيخ محمد بن علي آدم الأثيوبي حفظه الله.
  13. رواه مسلم (197) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
  14. رواه مسلم (196) واللفظ له ، وأحمد (3/140) ، والدارمي في المقدمة ، باب ما أعطي النبي من الفضل.
  15. أي أُحرِّكها – أي الحلقة – لتصدر صوتا ، فيسمعه من في الداخل. انظر «النهاية» لابن الأثير.
  16. رواه الترمذي (3148) ، وصححه الألباني رحمه الله.
  17. يحوطك أي يصونك ويذب عنك.
  18. الضحضاح في الأصل ما رق من الماء على وجه الأرض مما لم يبلغ الكعبين ، واستُــعير هنا للنار. انظر «النهاية». 
  19. رواه البخاري (3883) ومسلم (209) وأحمد (1/206).
    فإن قيل: كيف الجمع بين شفاعة الرسول ﷺلعمه أبي طالب وقد مات كافرا ، وقوله تعالى عن الكفار }فما تنفعهم شفاعة الشافعين{؟ فالجـواب أن شفاعته له ليست في إخراجه من النار كما هو الحال لعصاة المؤمنين ، وإنما لمجرد تخفيف العذاب فحسب ، وإلا فهو معذب عذابا سرمديا في ضحضاح من نار ، والنبي ﷺشفع له لأنه كان يحوطه ويدافع عنه ، وفي هذا إظهار لفضل النبي ﷺوإكرامه. وانظر ما قاله الألباني في «السلسلة الصحيحة» (55).

  20. رواه مسلم (212).
  21. الحديث في صحيح البخاري (6565) ومسلم (193) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
  22. رواه الترمذي (3148 ، 3615) وابن ماجه (4308) ، وصححه الألباني رحمه الله.
  23. الواردة هم القوم الذين يرِدون الماء ، مفردها: وارد.
  24. رواه الترمذي (2443) عن سمرة رضي الله عنه ، وصححه الألباني كما في «الصحيحة» (1589).
  25. الميزاب ويسمى أيضا بالـمِــرزاب ، وهو المجرى الذي يُعد ليسيل منه الماء من موضع عال ، كسطح البيت وميزاب الكعبة. انظر «تاج العروس».
  26. انظر الأخبار الواردة في الحوض في «صحيح البخاري» ، كتاب الرقاق ، باب في الحوض ، وكذلك «صحيح مسلم» ، كتاب الفضائل ، باب إثبات حوض نبينا ﷺوصفاته.
  27. رواه مسلم (196).
  28. رواه مسلم (196).
  29. رواه مسلم (152).
  30. وانظر ما قاله العلامة مـحمد عبد العظيم الزرقاني رحمه الله (المتوفى عام 1367 هـ) في كتابه «مناهل العرفان في علوم القرآن» ، ص 462 ، الناشر: دار الحديث - القاهرة.
  31. رواه مسلم (1017) عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day