البحث
فتح مكة وما بعده
فتح مكة وما بعده
جاء عمرو بن سالم الخزاعي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ليبلغه أن بني بكر - حلفاء قريش - قد غدروا بهم وبيتوهم ليلاً على ما يسمى الوتير، وأن قريشاً ساعدتهم على ذلك وأمدتهم بالسلاح وبالرجال، ثم ناشده في أبيات له حلفه معهم منها:
يا رب إني نــاشد محمــداً حلف أبيـه وأبينـا الأتلدا
فانصر هداك نصراً أعتداً واع عباد الله يأتوا مدداً
فقال صلى الله عليه وسلم "نصرت يا عمرو بن سالم".
ثم أمر صلى الله عليه وسلم بالتجهز وقال:
"اللهم خذ على أبصارهم فلا يروني إلا بغتة".
وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أراد، فقد فوجئت قريش بجيوش المسلمين على أبواب مكة. ونودي في مكة: من دخل داره وأغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل الحرم فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. .
كان عدد جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل بكامل سلاحهم وعتادهم، وإنما قصد صلى الله عليه وسلم بمفاجأتهم ألا يتيح لهم التفكير في القتال، فإنه لا يريد إراقة الدماء. .
وتم فتح مكة. . كان ذلك في رمضان من العام الثامن من الهجرة. .
* وانطلقت سرايا المسلمين في كل مكان لهدم بيوت الأوثان.
* كان لفتح مكة صداه في العرب جميعاً، وكانت هوازن قريبة من مكة في مضاربها. فدعا رئيسها مالك بن عوف إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمع إليه من هوازن ثقيف كلها، واجتمعت نصر وجشم، وسعد بن بكر، وناس من بني هلال. .
وخرج إليهم صلى الله عليه وسلم في الخامس من شوال سنة ثمان للهجرة. . وكان اللقاء في وادي حنين. . وانتصر المسلمون. . وكانت الغنائم كبيرة. .
وعاد صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلى المدينة.
* لا شك أن ما حدث في جزيرة العرب قد وصلت أخباره إلى الروم في دمشق. . وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هرقل يجمع جموعاً كثيرة. . وقد أجلبت معه لخم وخذام وعاملة وغسان وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء. .
فندب صلى الله عليه وسلم الناس، وكان وقت ذلك وقت ضيق وحر شديد، حتى سمي ذلك الجيش "جيش العسرة" وكان ذلك في رجب من السنة التاسعة للهجرة.
وخرج صلى الله عليه وسلم في ثلاثين ألفاً. . حتى وصل إلى تبوك، وعندها أتاه ابن رؤية صاحب أيلة فصالحه على إعطاء الجزية. وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية (1)، ثم أرسل صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في سرية إلى أكيدر دومة، فجاء به خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحقن دمه وصالحه على الجزية. .
ثم عاد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. .
* ثم كانت بعض البعوث في السنة العاشرة منها:
بعث خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب في نجران.
وبعث معاذ إلى اليمن.
ثم بعث خالد إلى اليمن. . وبعده بعث علي بن أبي طالب.
* ثم كان تجهيز جيش أسامة. .
كانت تلك صورة مقتضبة للحركة العسكرية في هذه المرحلة الأخيرة، تبين منها كثافة البعوث وتتابعها، بل وتعددها - في كثير من الأوقات - في وقت واحد وقد كانت النتائج طيبة، فإنه لم يأت آخر هذه الفترة حتى كانت الجزيرة كلها في حوزة الإسلام. .
المراجع
- "أيلة" قرية على خليج العقبة. والحرباء" قرية من أعمال عمان بالبلقاء من أرض الشام. و"أذرح" قرية مجاوة لجربا